كلّ مائة مائة بأخذها من الاخبار فهو مضعف كمّي موجود في تمام الأطراف فيستحيل أن يوجب زوال الاحتمال لأنَّه ترجيح بلا مرجح بلحاظ هذا الطرف بالخصوص وبلحاظ جميع الأطراف خلف العلم الإجمالي.

ولهذا لا يزول هذا الاحتمال إِلاّ إذا وجد مضعف له مخصوص به وليس هو إِلاّ ما اصطلحنا عليه بالمضعّف الكيفي المخصوص بخصوص هذا الطرف ، وذلك انَّما يكون فيما إذا كان هناك مصبّ مشترك مثلاً ولو ضمناً لجميع الاخبار ، فان المضعف حينئذ هو انَّه كيف اتفقت مائة مصلحة للمختلفين على سنخ كذب واحد معيّن مع انَّ عوامل التباين فيهم أكثر من الاشتراك. وهذا بالتحليل يرجع إلى علم إجمالي آخر بحسب حساب عوامل التباين والاتفاق في حياة هؤلاء وبمقتضاه يكون احتمال كذبهم جميعاً لمصلحة مشتركة أضعف بكثير من احتمال كذب أية مائة أُخرى من الاخبار ليس بينها قدر مشترك وهذا أساس عام لحصول اليقين في تمام موارد حساب الاحتمالات التي ترجع بحسب تحليلنا إلى علوم إجمالية منقسمة على أطرافها فمثلاً في مثال قرص الآسبرين يعلم إجمالاً بعليته أو علّية غيره في رفع الصداع وهو علم إجمالي بين النقضين إِلاّ أن أحد طرفيه وهو علية غيره له مضعف كيفي خاص به هو ملاحظة العلم الإجمالي في التجارب العديدة وما يقتضيه من الحساب لقيمة احتمال علية غير قرص الآسبرين.

وبهذا يظهر الوجه الفني في عدم اعتبار مثل هذه المجموعة من الاخبار بالتواتر لأنَّها لا تؤدّي إلى حصول اليقين ولو إجمالاً وبذلك يندفع شبهة منجزية مثل هذه الكثرة العددية فيما إذا كان مجموع الاخبار المائة إلزامية مثلاً في موضوعات مختلفة فانَّها لا يشكل علم إجمالي بجامع الإلزام ليكون حجة ، وامَّا حصول الاطمئنان فهو وإِن كان صحيحاً إِلاّ انَّ حجية مثل هذا الاطمئنان الناشئ من مجرد المضعف الكمّي الّذي لا يبلغ اليقين عهدة دعواها على مدّعيها.

وقد اتّضح من مجموع ما تقدّم انَّ التواتر لا يكفي فيه مجرد المضعف الكمّي بل لا بدَّ أيضا من المضعف الكيفي على ما يظهر من شرح الحالات القادمة ، كما انَّه لا بدَّ وأن يعلم بأنَّ المضعف الكيفي قيمته الاحتمالية أكبر بكثير من المضعف الكمّي ، بمعنى انَّه بإضافة عدد واحد على المخبرين المضعف الكمّي يتضاعف إلى مستوى ضعف ما كان

۴۵۶۱