ثانيها ـ انَّ هذه الطائفة لا تصلح للردع عن العمل بالظهورات القرآنية ، لأنَّ الردع عن ارتكاز من هذا القبيل وفي موضوع له هذه الأهمية والخطورة العظيمة لا يكفي فيه صدور أربع روايات بل لو كان هناك ردع عن العمل بالقرآن الّذي كان هو المصدر الأساسي لكل المعارف الإسلامية طيلة تاريخ الإسلام لكان واضحاً معروفاً.
ثالثها ـ انَّها ضعيفة سنداً جميعاً ، فان أوجدت عند أحد احتمال الردع فهو مسبوق بالإمضاء فيجري استصحاب بقاء الحجية الثابتة في أول الشرع بالنحو الّذي تقدم شرحه.
وممّا يؤكد بطلان هذا المفاد انَّ رواة هذه الروايات توجد ظاهرة مشتركة فيما بينهم هي ظاهرة الباطنية ومحاولة تحويل النّظر من ظاهر الشريعة إلى باطنها ، ومن تتبع في أحوال المنتسبين إلى الأئمة : وجد انَّ هناك اتجاهين فيما بينهم :
أحدهما ـ الاتجاه السائد في فقهاء الأصحاب الّذي كان يمثل ظاهر الشريعة والّذي هو واقعها أيضا وكان يتمثل في زرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهم. والآخرة اتجاه باطني كان يحول دائماً أَنْ يلغز في القضايا ويحول المفهوم إلى اللا مفهوم وفي أحضان هذا الاتجاه نشأ الغلو وحيث لم يكن لهم مدارك واضحة اتجهوا إلى تأويل القرآن واستخراج بطون له ، فمثل سعد بن طريف الواقع في سند هذه الروايات كان له اتجاه باطني وقد قال انَّ الفحشاء رجل والمنكر رجل والصلاة تتكلّم في تفسير قوله تعالى انَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ونحو ذلك من الغرائب وجابر يزيد الجعفي هو الّذي ينسب إِليه انَّه يقول دخلت على أبي جعفر ٧ وأنا شاب فناولني كتاباً وقال هذا علم لك وحدك لا تظهره على الناس وإِلاّ كانت عليك لعنتي وكتاباً آخر لا أظهره إِلاّ بعد هلاك بني أُميّة. ونقل أيضا عنه انَّه قد سمع من الباقر ٧ سبعين ألف حديث لا يمكنه أَنْ يقول شيء منها لأحد. ونحو ذلك من الأُمور التي تتجه إلى تركيز هذه المعاني وهي كلّها أجزاء من قضيّة كلية حاولها الغلاة المنحرفون وهي صرف الأنظار من ظاهر الشرع إلى باطن لا معنى له.
ولهذا نجد انَّ أمثال هذه الأُمور لم ينقل شيئاً منها فقهاء أصحاب الأئمة الذين كانوا حملة فقههم وفكرهم وتراثهم كزرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهم أفلم يكن الأولى