المراد الجدّي للمتكلّم إِلاّ انَّ الكلام في كيفية جعل هذا الأصل ، وهنا ثلاث فرضيات رئيسيّة لتصوير هذا الأصل :
الفرضية الأُولى ـ ما ذهب إليه المحقق النائيني ( قده ) تبعاً للشيخ ( قده ) من انَّ موضوع أصالة الظهور مركّب من جزءين : أحدهما الظهور التصديقي ، والآخر عدم القرينة المنفصلة ، فمتى ما أحرزنا كلا هذين الجزءين كان الظهور حجة ومتى شككنا في ذلك فانْ شككنا في الأول من ناحية احتمال القرينة المتصلة التي تقدّم في المقدمة انَّها تثلم الظهور التصديقي أو شككنا في الثاني من ناحية احتمال القرينة المنفصلة فلا تجري أصالة الظهور بل كنّا بحاجة إلى أصل في المرتبة السابقة ينقح لنا موضوع أصالة الظهور وهو أصالة عدم القرينة المتّصلة والمنفصلة فانَّه بأصالة عدم القرينة المتصلة نحرز الجزء الأول وهو الظهور التصديقي وبأصالة عدم القرينة المنفصلة نحرز الجزء الثاني فنحتاج إلى إجراء أصلين طوليّين إِلاّ إِذا قطع وجداناً بعدم القرينة المتصلة أو المنفصلة.
الفرضية الثانية ـ ما ذهب إِليه المحقق الأصفهاني ( قده ) من انَّ موضوع الحجية عبارة عن الظهور التصوري وعدم العلم بالقرينة على الخلاف ففي موارد الشك في القرينة سواء كانت متصلة أو منفصلة نرجع إلى أصالة الظهور ابتداءً بلا حاجة إلى أصل عدم القرينة الطولي لانحفاظ المدلول التصوّري على كلّ حال.
الفرضية الثالثة ـ ما هو المختار من انَّ حجية الظهور موضوعها عبارة عن الظهور التصديقي لا التصوّري كما أفاد المحقق الأصفهاني ( قده ) إِلاّ انَّ الجزء الثاني هو عدم العلم بالقرينة المنفصلة لا عدم واقع القرينة المنفصلة كما أفاد المحقق النائيني ( قده ) ، ونتيجة ذلك انَّه إذا احتملنا القرينة المتصلة كنّا بحاجة إلى إحراز موضوع أصالة الظهور في المرتبة السابقة بأصل أو غيره وإذا احتملنا القرينة المنفصلة رجعنا إلى أصالة الظهور ابتداءً بلا حاجة إلى أصل طولي لانحفاظ كلا الجزءين المذكورين كما هو واضح.
والاختلاف بين هذه الفرضيات ربما يتصوّر انَّه مجرّد خلاف تحليلي نظري لا أثر عملي له ، إِلاّ انَّه سوف يظهر من خلال البحث وجود مغزىً عملي له ، ولنبدأ بالتعليق على الفرضيتين الأُولى والثانية لنخرج منه بتثبيت فرضيتنا المختارة فنقول : أمَّا الفرضية الأُولى التي تبنّاها المحقق النائيني ( قده ) وفاقاً مع الشيخ