العقلائية ابتداءً ، وتوضيحه : انَّ هناك طائفتين من الروايات دلّتا على حجية الظواهر.
إحداهما ـ الروايات التي أمرت بالتمسّك والرجوع إلى الكتاب والسنة والموضوع فيها هو الكتاب والسنة أمَّا بما هما من مقولة اللفظ والكلام والدلالة أو بلحاظ المعنى وواقع ما هو المراد فيهما ، وعلى الأول تكون دالة بالإطلاق اللفظي على حجية تمام مراتب الظهور فيهما وعلى الثاني تكون دالة بالإطلاق المقامي على حجيّة ذلك أيضا ، فانَّه يقتضي الإحالة على العرف والطريقة المتعارفة في كيفية تشخيص ما هو المراد فيهما سنخ ما يقال في أدلة إمضاء المعاملات بمعنى المسببات من انَّ مقتضي إطلاقها المقامي إمضاء الأسباب العقلائية لها.
الثانية ـ ما دلّ على تحكيم دلالات القرآن الكريم ابتداءً كمعتبرة عبد الأعلى مولى آل سام ـ ( هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله ) (١) وهكذا روايات العرض على الكتاب الكريم ، وميزتها على الطائفة الأُولى انَّها ناظرة إلى الكتاب الكريم بما هو دلالة ولفظ لا بما هو معنى ، فالإطلاق فيها لتمام مراتب الدلالة لفظي لا مقامي ، وحينئذ نثبت حجيّة إطلاق أو عموم هاتين الطائفتين بالسيرة العقلائية لأنَّ ذلك من القدر المتيقّن المندرج فيها لكونه عموماً أو إطلاقاً ظاهراً بلا إِعمال نكات أو إِلغاء خصوصيات ثمّ نثبت حجية المراتب التي يقتنص منها الظهور على أساس إِعمال نكات وإِلغاء خصوصيات بهذه الروايات.
الوجه الثالث ـ انَّ الردع المحتمل متأخر زماناً عن صدر الإسلام لتأخر روايات الردع عن القياس والرّأي ونحو ذلك مع انَّ السيرة العقلائية على حجية الظهور كانت منعقدة منذ صدر الإسلام من دون ردع عنها وقتئذ بل مع إمضائها كجملة من القضايا التي كانت ممضاة في صدر الإسلام ثمّ نسخت من باب التدرج في التشريع فيرجع احتمال الردع إلى احتمال النسخ فيستصحب بقاء الحجيّة وهذا عمل بإطلاق دليل الاستصحاب الداخل في القدر المتيقّن من السيرة لأنَّه إطلاق لفظي غير قائم على
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ب ٢٩ من أبواب الوضوء.