حقيقة هذه السيرة العقلائية الممتدة إلى مجال الأغراض التشريعية ، وامَّا الثاني فالظهور الحالي وإِنْ كان ثابتاً هنا أيضا بنحو أقوى بل يمكن اعتباره ظهوراً لفظيّاً لأنَّ نفس تصدّي الشارع لتفهيم مرامه بالظهورات وعدم تقيده بإبراز العبارات الصريحة ظاهر في البناء على مرجعيتها وحجيّتها في مقام اقتناص المرام ، وهذا ظهور للشارع بما هو متكلّم لا بما هو مشرع فحسب فيكون ظهوراً كاللفظي إِلاّ انَّه لا يمكن جعل ذلك دليلاً على إمضاء السيرة في المقام ، لأنَّ الكلام بعد في حجية الظهورات ، اللهم إِلاّ أَنْ يحصل لنا اليقين بمدلول هذا الظهور أو التلفيق بين السيرة المتشرعية والعقلائية بأنْ نثبت حجيّة شخص هذا الظهور بالسيرة المتشرعية ثم به نثبت إمضاء السيرة العقلائية وليس هذا عبثاً أو مستدركاً ، لأنَّ المقدار الّذي يثبت بسيرة المتشرعة من الحجية قد يكون له قدر متيقّن هو خصوص الظهور القوي لا مطلق الظهور ويكون شخص هذا الظهور داخلاً في القدر المتيقّن.

وامَّا إثبات عدم الردع فيكون بعدم وصوله كما تقدم ، وقد يشكل عليه في المقام بأنَّه يكفي في الردع عمومات النهي عن العمل بالظنّ أو إطلاق أدلّة الأصول والقواعد الشرعية المقررة لموارد عدم العلم الشامل للظن أيضا كحديث الرفع مثلاً.

وهذه الشبهة تورد على الاستدلال بالسيرة على حجيّة خبر الواحد في بحث حجيته وهناك نكات وبحوث مشتركة بين المسألتين نؤجلها إلى ذلك الفصل وانَّما نتعرض في المقام إلى نكتتين :

إحداهما ـ انَّ هذه العمومات لا تصلح لذلك ، بداهة انَّ مثل هذه السيرة لشدة ترسخها واستحكامها في أذهان العقلاء والمتشرعة حتى انَّه لم يتزعزع شيء منها بعد ورود المطلقات المذكورة التي كانت على مرأى ومسمع من الناس لا يكفي في ردعها الاعتماد على مثل هذه المطلقات فانَّ الردع لا بدَّ وأَنْ يتناسب مع المردوع عنه ، فمثلاً نحن نرى في باب الردع عن القياس ما أكثر وأشدّ التصريحات الصادرة عنهم في مقام الردع عنه رغم انَّه لا ترسخ له في أذهانهم وانَّ الحاجة الفقهية إِليه والتعامل الفقهي معه أقلّ بمراتب من الحاجة إلى الظهور والتعامل معه في الفقه فضلاً عن المجالات الأُخرى.

۴۵۶۱