التقريب الثاني للإشكال ـ أن يلتفت إلى أن استصحاب عدم الحجيّة لا يراد منه إثبات حرمة الإسناد بل من أجل التنجيز أو التعذير ، وحينئذ ، قد يستشكل فيه بالإشكال المتقدم من الميرزا ( قده ) بأن يقال انَّ التأمين حاصل وجداناً بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ على القول بها أو فرض الكلام في الأمارة الإلزاميّة ـ.

والجواب ـ انَّ هناك مرتبتين للقاعدة العقلية تأميناً أو تنجيزاً ـ إِحداهما حكم العقل بلحاظ الشك في الواقع الّذي هو الشك الأولى للمكلَّف ، والأخرى حكمه بلحاظ الشك الثانوي الناشئ في طول قيام الأمارة المشكوكة حيث انَّه يحتمل حينئذ شدّة اهتمام المولى بالملاكات الواقعيّة التي على طبق مؤدّى الأمارة على ما تقدّم في شرح حقيقة الحكم الظاهري. وإِشكال تحصيل الحاصل إِن كان بلحاظ الحكم العقلي الأوّل فمن الواضح انَّه غير ما يُؤمن عنه الاستصحاب لأنَّه تأمين بلحاظ الشك الأوّلي وهو غير مناف مع التنجيز بلحاظ الشك الثانوي المنفي بالاستصحاب ، وإِن كان بلحاظ الحكم العقلي الثاني فهما وإِن كانا في مرتبة واحدة وبمؤدّى واحد إِلاَّ أنَّهما مختلفان من ناحية انَّ الحكم العقلي تأمين بملاك عدم البيان بينما الاستصحاب يكون تأميناً شرعيّا وبه يكون التأمين من سنخ آخر فلا تحصيل للحاصل كيف وهذا بنفسه جار في جميع الاستصحابات والأمارات النافية للتكليف في موارد جريان البراءة العقلية في نفسها مع أنَّه لم يستشكل فيه أحد ، فالصحيح انَّ حال استصحاب عدم الحجيّة كحال الاستصحابات الجارية في الأحكام الفرعيّة لا ينبغي الاستشكال فيه في نفسه وإِن كنَّا في غنىً عنه بالأدلة الاجتهاديّة الدالة على عدم حجيّة مشكوك الحجيّة المتمثّلة في صنفين من الأدلة :

أحدهما ـ عمومات حرمة اتباع الظنّ.

الثاني ـ المدلول الالتزامي لإطلاق أدلّة الأصول والأحكام الظاهرية الجارية في مورد الشك في حجية الأمارة المخالفة لها على ما تقدّم شرحه في الوجه الأول من وجوه صياغة هذا الأصل.

وبهذا ينتهي الكلام عن المقدمة.

۴۵۶۱