بمعناها الفلسفي بل حكم يصدره العقل على نحو الجزم واليقين غير مستند إلى كتاب أو سنة.
كما ان النزاع مخصوص بالاحكام العقلية التي يراد استنباط حكم شرعي منها في عرض الكتاب والسنة لا الحكم العقلي الواقع في مبادئ التصديق بالكتاب والسنة ، إذ لا إشكال في حجيته عند الجميع وان حجية الكتاب والسنة لا بد وأن تنتهي إلى استدلال وقناعة عقلية ، ولا الحكم العقلي الواقع في طول الكتاب والسنة وفي مرحلة معلولات الأحكام الشرعية بحسب تعبير المحقق النائيني ( قده ) كحكم العقل بوجوب الامتثال وإطاعة الحكم وقبح معصيته.
الثانية ـ ان الأحكام العقلية على قسمين أحكام نظرية وأحكام عملية وقد قيل : ان العقل النظريّ إدراك لما هو واقع والعقل العملي إدراك لما ينبغي أن يقع. ولعل الأحسن تغيير التعبير لأن العقل العملي أيضا إدراك لما هو واقع فان العقل ليس له شأن إلا الإدراك لما هو واقع وثابت في لوح الواقع الأوسع من لوح الوجود والحسن والقبح أيضا امران ثابتان في لوح الواقع ، وانما الفرق ان الأمر الواقعي المدرك للعقل إن كان لا يستدعي بذاته موقفا عمليا وسلوكا معينا على طبقه فهو مدرك نظري وإن استدعى ذلك فهو مدرك عملي.
ثم ان تشكيل دليل عقلي على الحكم الشرعي تارة يكون مقتنصا من العقل النظريّ ، وأخرى من العقل العملي ، والقسم الأول يرجع إلى أحد بابين :
١ ـ باب العلاقات والاستلزامات الواقعية التي يدرك العقل ثبوتها بين الأحكام كما يدركها في الأمور التكوينية ، وإن شئت عبرت باب الإمكان والوجوب والاستحالة. فيحكم مثلا باستحالة اجتماع الأمر والنهي أو بإمكان الخطاب الترتبي أو بالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته أو حرمة ضده ، وهذه الأحكام العقلية النظرية وإن كانت تكفي وحدها في مقام نقي الحكم الشرعي في مورد كنفي اجتماع كلا الحكمين المتضادين مثلا حيث يكفي في انتفاء شيء ثبوت استحالته ولكنها لا تكفي لإثبات الحكم واستنباطه منها وحدها بل لا بد من ضم ضميمة إليها. فان مجرد إمكان شيء أو استحالة ضده أو ثبوت الملازمة بينه وبين شيء آخر لا يشكل دليلا على ثبوته.