ثبوت ثلاث خصائص في الواجبات الكفائية.
الخصيصة الأولى ـ انه لو تركه الجميع فالكل عاصون ويستحقون العقاب.
الخصيصة الثانية ـ انه لو فعله أحدهم سقط عن الآخرين.
الخصيصة الثالثة ـ انه لو فعله الجميع دفعة أو متدرجا إذا كان الواجب قابلا للتكرار فالكل يعتبر امتثالا.
واما تمحيص النظريات الأربع على ضوء هذه الخصائص.
فالنظرية الأولى التي تفترض وجود طرف للوجوب وهو كل مكلف من المكلفين بنحو الاستغراق تحته عدة اتجاهات :
الاتجاه الأول ـ ما حققناه نحن في تفسير هذا الوجوب وحاصله : ان هناك وجوبات عديدة بعدد المكلفين غير أن الواجب بهذا الوجوب ليس هو صدور الفعل من كل واحد منهم وانما هو جامع الفعل الصادر منه أو من غيره فالواجب هو حصول الفعل خارجا ، وبعبارة أخرى : الوجوب الكفائي معناه جعل الفعل وصدوره بالنتيجة خارجا في عهدة كل مكلف ، وقد تقدم في أبحاث التعبدي والتوصلي أن التكليف بالجامع بين فعل المكلف نفسه وفعل الغير معقول ولو فرض أن فعل الغير ليس تحت اختياره حتى بالتسبيب لأن الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور.
وبهذا الاتجاه يحافظ على الخصائص الثلاث في الوجوب الكفائي حيث يكون الجميع عاصين إذا ما ترك الكل لأن كل واحد منهم كان الفعل في عهدته أي كل واحد منهم كان له وجوب فعلي مطلق ولم يمتثله فيكون عاصيا لا محالة ، كما انه لو فعل أحدهم سقط الوجوب عن الآخرين بملاك الامتثال وتحقق الغرض لأن الواجب عليهم تحصيل جامع الفعل في الخارج سواء كان من هذا أو ذاك وقد حصل هذا الجامع فتنتفي العهدة لا محالة ، وكذلك لو فعل الجميع دفعة وحققوا الواجب في الخارج كان الكل امتثالا واحدا فانه يكون نظير فعل صدقتين دفعة واحدة من مكلف واحد في الواجب التعييني حيث ان الجامع الواجب متحقق بفعلهم جميعا.
الاتجاه الثاني ـ أن يقال بوجود وجوبات عينية بعدد المكلفين ولكنها مشروطة بعدم إتيان الآخر به.