لا الأقل الّذي في ضمنه بمعنى أن يكون لجميع أجزائه حينئذ دخل في حصوله وإن كان الأقل لو لم يكن في ضمنه كان وافيا به أيضا فلا محيص عن التخيير بينهما إذ تخصيص الأقل بالوجوب حينئذ كان بلا مخصص فان الأكثر بحده يكون مثله على الغرض ، مثل أن يكون الغرض الحاصل من رسم الخطّ مترتبا على الطويل إذا رسم بماله من الحد لا على القصير في ضمنه ومعه كيف يجوز تخصيصه بما لا يعمه ومن الواضح كون هذا الغرض بمكان من الإمكان ) (١).
وهذه الصياغة ذكرها فيما إذا كان الأقل والأكثر كل منهما وجودا مستقلا واحدا للطبيعة ، كالخط الطويل والخطّ القصير ، لا ما إذا كان الأكثر عبارة عن وجودات متعددة للطبيعة كدوران الأمر بين تسبيحة واحدة وتسبيحات ثلاثة.
وقد أوضح المحقق الأصفهاني هذا الجواب في كلام أستاذه بما محصله : ان المسألة مرتبطة بمسألة التشكيك الخاصي في الوجود من الفلسفة.
بيان ذلك : ان الأفراد المتفاوتة والمختلفة للطبيعة الواحدة قد تكون فوارقها بامتيازات خارجة عن الماهية عارضة عليها كالفرق بين الإنسان العالم والإنسان الجاهل ، وأخرى : يكون فوارقها بامتيازات داخلة في الماهية وإنما تختلف باختلاف المراتب والحركة من الضعف إلى الشدة ومن النقصان إلى الكمال ، كما في الماهيات المشككة كالخط الطويل والخطّ القصير وعدد الثلاثة وعدد الأربعة ونحو ذلك.
والفوارق التشكيكية لماهية واحدة يوجد في تفسيرها نظريات فلسفية مختلفة فهناك من جعلها على حد الفوارق من النوع الأول القائمة على أساس اختلاف خصوصيات عرضية خارجة عن ذات الماهية فيكون ما به الامتياز في كل وجود للماهية غير ما به الافتراق ، وهذا يصطلح عليه عندهم بالتشكيك العامي.
وهناك من جعل ما به الامتياز فيها عين ما به الاشتراك فيها بلحاظ الماهية بأن افترض الامتياز بينها في مرحلة الذات والماهية ، فماهية الأربعة كم عددي تختلف عن ماهية الثلاثة على حد اختلاف الأنواع لجنس واحد ، وإن كان ما به الامتياز فيهما من
__________________
(١) كفاية ج ١ ، ص ٢٢٧ ، ط ـ مشكيني.