ثم إن زج مفهوم الإيجاد أو الوجود في مدلول الأمر كما صنعه صاحب الكفاية ( قده ) في المقام يمكن أن يكون مبرره أحد وجوه :
الأول ـ ما أشير إليه في العويصة من ان الطلب المفاد بالهيئة لو كان متعلقا بالطبيعة فإذا أريد منها الطبيعة بما هي هي فلا يكون فيها غرض للمولى ولا يطلبها أيضا لأنها حاضرة في ذهنه ، وإذا أريد منها الطبيعة الموجودة كان طلب الحاصل ، فاتجه صاحب الكفاية ( قده ) إلى أخذ الإيجاد في مدلول الهيئة.
وقد عرفت ان الطلب لا يتعلق بالخارج بل بالصورة الذهنية ولكن بالحمل الأولي لا بالحمل الشائع. أي بما هي فان في الخارج والمفهوم بالحمل الأولي لا يصدق إلا على المصداق الخارجي لا على الصورة الذهنية ذاتها فانها ليست مصداقا لنفسها ولذلك كان امتثال الطلب وتنفيذه بإيجاد المصداق الخارجي.
الثاني ـ ان الماهية المدلول عليها بالمادة لو كانت متعلقة للطلب ابتداء كان معناه ان الماهية بما هي هي مطلوبة مع انها ليست إلا هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة كما ذكر في الحكمة.
وفيه : ان هذا خلط بين مصطلح في الحكمة وبين المقام ، فانه في المعقول قيل : لو لوحظت الماهية بذاتها ومرحلة ذاتياتها فليست إلا هي بجنسها وفصلها ونوعها واما سائر الأمور والعوارض التي هي خارجة عن الذات فلا تكون متصفة بها في هذه المرتبة ، أي انها ليست من ذاتياتها فالماهية بما هي هي ليست إلا هي. وهذا مطلب معقول مفهوم ولكنه عند ما استخدمه الأصولي طبقه بشكل خاطئ وبتصور أن الماهية بما هي هي لا يمكن أن يتعلق بها الطلب ويعرض عليها لأن الماهية بما هي هي ليست مطلوبة ولا غير مطلوبة ، غافلا عن ان قيد ( بما هي هي ) لتحديد المعروض وانه مرحلة الذات والذاتيات لا لبيان ظرف الحمل فلا يعني عروض الطلب أو أي عرض آخر عليها انها في مرحلة ذاتها وبالحمل الأولي أصبحت مطلوبة وأصبح الطلب جزءا من ذاتها وهذا واضح.
الثالث ـ ان الوجود لو لم يكن مأخوذا في مدلول هيئة الأمر لزم أن لا يكون الترك والعدم مأخوذا أيضا في مدلول النهي ومعه لا يبقى فارق بينهما إذ كلاهما يدلان على