ولكن الصحيح عدم تمامية شيء من هذه التقريبات لعدم المساعدة على شيء من مبانيها فان الوجوب ليس مركبا من أمرين ، كما أن الدلالة الالتزامية وكذلك الدلالة التضمنية التحليلية تابعة للدلالة المطابقية في الحجية وسوف يأتي تفصيل البحث عن ذلك في أبحاث العام والخاصّ والتعارض.

ومسلك المحقق النائيني ( قده ) في مدلول الأمر قد تقدم بطلانه في أبحاث دلالة الأمر على الوجوب حيث أثبتنا ان الوجوب مدلول لفظي وليس عقليا.

وعليه فما لم تفرض عناية زائدة في دليل الناسخ لا يمكن إثبات الجواز لا بالمعنى الأعم ولا بالمعنى الأخص.

ثم انه اتضح مما تقدم وجه ما ذكره المشهور في المقام من ربط المسألة وتفريعها على المسألة الفلسفية المعروفة من ان النوع إذا ارتفع بارتفاع فصله فهل يمكن أن يبقى الجنس المتضمن فيه ولو في ضمن نوع آخر أو لا يمكن ذلك؟ فعلى القول بإمكانه قيل في المقام ببقاء الجواز الّذي كان بمثابة الجنس للوجوب ولو ارتفع ما كان بمثابة فصله وهو المنع من الترك ، فان المقصود من هذا البيان هو التقريب الثاني من التقريبات الثلاثة ، أي التمسك بالمدلول التضمني للدليل المنسوخ ، إلا أنه مبني على إمكان بقاء الجنس ولو في ضمن نوع آخر وإلا كان المدلول التضمني أيضا مرتفعا فلا يرد عليه ما أورده السيد الأستاذ : من وجوه عديدة حيث أفاد :

أولا ـ انه لا يتم بناء على كون الوجوب بحكم العقل لا مدلولا للفظ.

وثانيا ـ ان الأحكام من الأمور الاعتبارية وهي بسائط وليست مركبة من مادة وصورة فضلا عن الجنس والفصل.

وثالثا ـ ان البحث المذكور بحث ثبوتي عن إمكان بقاء الجنس بعد زوال فصله وعدمه بينما البحث في المقام إثباتي في أن الدليل المنسوخ هل يمكن أن يستفاد منه بقاء الجواز أم لا؟ فلا ربط بين البحثين أصلا (١).

أقول ـ هذه الاعتراضات لا يمكن المساعدة على شيء منها بعد توجيه كلام المشهور بما ذكرناه.

__________________

(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٤ ، ص ٢٤.

۴۴۲۱