والتحقيق : ان هذا الإحراز لموضوع الأمر الترتبي وإن كان معقولا في حق المكلف كما أفاده الأستاذ إلا ان هذا لا يكفي لدفع المحذور ، بل نكتة الإشكال باقية على حالها لأن المكلف انما يمكنه أن يحرز ذوات أجزاء موضوع الأمر الترتبي دون أن يعلم بموضوعيته ، ووصول الحكم لا بد فيه من إحراز الموضوع بما هو موضوع. والوجه في عدم إمكان إحراز المكلف في المقام موضوعية تركه للقصر للأمر الترتبي هو ان المكلف بحسب الفرض معتقد وجوب التمام عليه بخطاب أولي ومعه لا يعقل أن يحرز كونه موضوعا لوجوب التمام بخطاب ثانوي ترتبي ، إذ إحرازه لذلك إن كان بأن يحرز كون اعتقاده بوجوب التمام موضوعا لنفس ذلك الوجوب كان فيه محذور أخذ العلم بالحكم في موضوع ذلك الحكم الّذي هو محذور شبه الدور ، وإن كان بأن يحرز كونه موضوعا لوجوب تمام آخر كان من اجتماع المثلين في نظره ، وعليه فالمكلف المسافر في المقام دائما يكون إتيانه بالتمام بتحريك أمر تخيلي بالتمام يعتقده كخطاب أولي على المكلفين جميعا في الحضر والسفر ، واما وجوب التمام الترتبي المخصوص بالمسافر الجاهل بوجوب القصر فلا يعقل وصوله إليه ومحركيته له نحو التمام (١).
الإشكال الرابع ـ ان الأمر بالتمام إن كان مترتبا على ترك القصر في تمام الوقت فالمكلف إذا علم بوجوب القصر عليه بعد إتيانه بالتمام كانت وظيفته القصر ولم يكن ما أتى به من التمام صحيحا ومطابقا للأمر ، وهذا خلف الفتوى الفقهية القاضية بصحة التمام وعدم لزوم القصر بعدها ، وان كان مترتبا على ترك القصر آنا ما فيلزم إيجاب الوظيفتين عليه لتحقق موضوعهما معا. وهذا إشكال في الصياغة بحسب الحقيقة ، والجواب عليه بافتراض تصرفين في الخطابين ، التصرف الأول : أن نقيد الأمر بالتمام بأن لا يكون مصليا القصر إلى حين إتيانه بالتمام وعدم خروج الوقت ـ أقرب الأجلين منهما ـ فلو لم يصل القصر إلى حين إتيانه بالتمام كان موضوعا لوجوب التمام ووقعت