الفعلي فيكون إيقاعه صحيحا باعتبار الملاك الموجود فيه (١).

وفيه ـ أولا ـ انه إن أريد بالملاك المحبوبية فمستحيلة بناء على الاقتضاء ، لأن القائل به يدعي وجود مبغوضية في الضد وهي لا تجتمع مع المحبوبية ، وإن أريد بالملاك مجرد المصلحة فهي لا تصلح للمقربية لما تقدم منا في مباحث التعبدي والتوصلي ان قصد المصلحة بما هي هي ومن دون إضافته إلى المولى لا يكون مقربا وفي المقام تكون المصلحة مضافة إلى المولى بإضافة البغض لا الحب فلا يمكن الإتيان بها من أجله (٢).

وثانيا ـ هذا فرع إمكان إثبات وجود الملاك وإحرازه في الفرد المزاحم وقد تقدم انه بعد سقوط الأمر بالعبادة المزاحمة لا يمكن إثبات وجود الملاك فيها وبناء على الاقتضاء لا يمكن إحرازه حتى بنحو الترتب لمكان النهي (٣).

وهكذا يتضح عدم ورود شيء من الاعتراضين على ثمرة القول بالاقتضاء فانه في

__________________

(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٣ ، ص ٤٩.

(٢) الا أن هذا البغض غيري ناشئ من فوات ملاك الأهم فلا ينافي التقرب بالمهم في قبال ان يتركه أيضا فيخسر المولى كلا الملاكين.

فالحاصل : إضافة فعل إلى المولى يعقل كلما كان حال المولى على تقدير الفعل أحسن من حاله على تقدير عدمه ولا إشكال في ان فعل المهم على تقدير ترك الأهم أحسن للمولى من تركهما معا والمفروض ان النهي عنه ليس نفسيا لتكون مخالفته عصيانا وقبيحا فيمنع عن التقرب.

(٣) الأمر الترتيبي بالمهم مشروطا بترك الأهم لا ينافي محبوبية أو وجوب ترك المهم الموصل إلى الأهم ـ بناء على اختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة ـ كما لا ينافي وجوب الأهم نفسه لأن الأمر بالمهم المشروط بترك الأهم انما يمنع بحسب الحقيقة عن تحقق الترك غير الموصل ولا يمنع عن تحقيق الترك الموصل. ومنه يعرف انه إذا توقف خارجا فعل واجب أهم على ترك واجب مهم لم يكن من باب التعارض بل التزاحم حتى على القول بوجوب مقدمة الواجب على مستوى عالم الحب والبغض.

لا يقال ـ إذا وجب الترك الموصل مطلقا حرم ضده العام مطلقا أي حرم الفعل حتى في فرض ترك الأهم فيلزم اجتماع الأمر والنهي والمحبوبية والمبغوضية.

فانه يقال ـ أولا ـ لا وجه لافتراض نشوء الأمر بفعل عن المحبوبية دائما بل قد ينشأ عن وجود ملاك ملزم فيه يمكن تحقيقه فيأمر به المولى من أجل عدم تفويته ولو فرض عدم محبوبيته أصلا بل مبغوضيته الغيرية كما في المقام بناء على الاقتضاء.

وثانيا ـ بناء على ان مدرك القول بالاقتضاء هو مقدمية عدم الضد وحكم الوجدان بوجوب المقدمة بمعنى محبوبيتها الغيرية فللقائل بالاقتضاء ان يمنع عن حكم الوجدان بالوجوب فيما إذا كان في الضد ملاك لزومي محبوب في نفسه للمولى وسوف يأتي التزام الأستاذ ١ الشريف وفاقا لصاحب الكفاية « قده » بمثل هذا الاستثناء عن وجوب المقدمة في بحوث اجتماع الأمر والنهي عند التعرض لحكم الخروج عن الدار المغصوبة التي دخلها المكلف بسوء اختياره.

وهكذا يظهر صحة الاعتراض الثاني الّذي وجهته مدرسة المحقق النائيني ( قده ) في المقام على ثمرة بحث الضد ، نعم إذا قلنا باقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده بلحاظ عالم الحكم والاعتبار أو بلحاظ عالم الإرادة أو الكراهة بوصفها فعلا نفسانيا لا مجرد المحبوبية والمبغوضية وقلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي ـ أي امتناع الأمر بصرف الوجود والنهي عن فرده ـ لم يمكن الأمر بالضد بناء على الاقتضاء ولعل نظر الأستاذ ـ ١ الشريف ـ إلى ذلك.

۴۴۲۱