الاخر الا ان عدم الاخر ليس من جهة مانعية الموجود لما تقدم من ان مانعية المانع فرع تمامية مقتضى الممنوع والضد المعدوم لا مقتضى له والا كان مقتضيا للمحال وهو محال.
وقد ذكر في الكفاية (١) أيضا هذه المناقشة مع فرق في مقدمتها الثانية حيث لم يعتمد المحقق الخراسانيّ على كبرى ان مقتضى المحال محال وانما سلك طريقا اخر هو انه لو وجد أحد الضدين كان ذلك كاشفا عن عدم تعلق الإرادة الأزلية بالضد الاخر والا لما تخلفت عن المراد فيستحيل وجود مقتضى الضد المعدوم كي يكون الضد الموجود مانعا عنه. الا ان هذا التقرير للمناقشة غير متين بخلاف تقرير الميرزا ( قده ) فان أوضح ما يرد عليه : ان غاية ما يثبت ببرهان عدم تخلف الإرادة الأزلية عن المراد هو عدم تعلق الإرادة الأزلية بالعلة التامة للضد المعدوم وهذا لا يعين انتفاء أي جزء من اجزائها ، فلعل الجزء المنتفي عدم المانع الّذي هو الضد الموجود كما هو واضح. وهذا النقاش واضح الجواب اما بصياغة الميرزا ( قده ) : فبأنه لو فرض استحالة مانعية الضد الموجود عن المعدوم اذن كان ذلك دليلا وبرهانا اخر على استحالة توقف أحد الضدين على عدم الاخر ، فان هذا التوقف انما هو باعتبار المانعية فلو فرض استحالتها استحال التوقف أيضا. وبعبارة أخرى : ان للضد المتوهم مانعيته حصتين الأولى : الحصة المقرونة مع مقتضي الضد الاخر. والثانية : الحصة المقرونة مع عدم مقتضي الضد الاخر ، والأولى من الحصتين هي التي يعقل ان تكون مانعة فيكون عدمها مقدمة للضد الآخر الا انها مستحيلة. والحصة الثانية التي يعقل وجودها لا تكون مانعة كي يكون عدمها مقدمة وواجبا وهذا واضح.
واما بصياغة المحقق الخراسانيّ ( قده ) فبان غاية ما يثبت بذلك ان الضد المعدوم لم يستند عدمه بالفعل إلى الضد الموجود وانما استند إلى عدم مقتضية وهذا لا يمنع من ثبوت التوقف من الطرفين في نفسه أي توقف الضد الموجود على عدم الاخر وكون هذا العدم متوقفا على وجود الأول وهذا هو الدور المستحيل. وبعبارة أخرى : ان هذا
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٢٠٧.