وجود ذات مقتضية وان يكون راجحا على مقتضى الضد الاخر لو كان كي يكون مانعا عن تأثيره بحكم المقدمة السابقة ، وهكذا يعرف ان وجود الضد موقوف على تحقق المانع عن الاخر فيستحيل ان يكون مانعا عنه بمعنى ان يكون في طول ذات مقتضية وفي طول مانعية مقتضية بل راجحيته أيضا إذ لو لا مانعيته عن تأثير المقتضى للضد الاخر لوجد الضد الاخر فامتنع وجود الأول اما لوجود مانعه أو لوجود الضد ولو لا راجحيته بل مساواته لما وجد شيء من الضدين على ما تقدم في المقدمة الأولى فإذا كان وجود أحد الضدين في طول امتناع الآخر واستحال ان يكون مانعا عنه أو ان يكون مؤثرا في إعدامه فان العلة انما تتعقل في حق ما يكون ممكنا في مترتبة وجودها لا ما يكون واجبا أو ممتنعا في تلك المرتبة. وهكذا يتم هذا البرهان والّذي يتخلص في أن معقولية اجتماع مقتضي الضدين مع عدم تحقق شيء منها دليل على مانعية كل من المقتضيين المتساويين عن وجود الضد الآخر ومعه يمتنع ان يكون الضد مانعا عن ضده لأن وجود الأول فرع ممنوعية الثاني في الرتبة السابقة (١).
البرهان الثاني ـ ما نسبه في التقرير إلى السيد الأستاذ كتفسير لعبارة الكفاية وهو وإن خالف مع الوجه الّذي جعله المحقق الأصفهاني ( قده ) تفسيرا لعبارة الكفاية الا انا نذكر كل منهما كبرهان على الاستحالة قاطعين النّظر عن كيفية تفسير عبارة صاحب الكفاية ( قده ) وحاصل هذا الوجه : ان الضد لو كان متوقفا على عدم الضد الاخر لكان متأخرا عن ذلك رتبة والتالي باطل لوجود البرهان على ان عدم الضد في رتبة الضد وليس في رتبة متقدمة عليه فيثبت بطلان المقدم وعدم التوقف (٢).
والبرهان انه اما ان يفرض ان الضد الاخر ثبوته في رتبة الضد الأول أولا فان كان في رتبته لزم ثبوت الضدين واجتماعها في رتبة واحدة وهو مستحيل كاجتماعها
__________________
(١) الظاهر ان هذا البرهان موقوف على إمكان افتراض وجود المقتضيين المتساويين للضدين خارجا وهذا لا دليل عليه بل على عدم إمكانه دليل ، لأن ارتفاع الضدين أيضا محال فلا بد من وجود أحدهما وهذا يعني لا بدية أقوائية مقتضي أحد الضدين ورجحانه على الآخر هذا في الضدين اللذين لا ثالث لهما واما إذا كان لهما ثالث فيمكن ارتفاعهما ووجود الثالث الا ان الخصم يدعي هنا ان الثالث هو المانع عن الأول والثاني.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٣ ، ص ٢٠ ـ ٢٢.