الأول : ان من اشتاق إلى شيء اشتاق إلى مقدماته ببرهان إتيانه بها والفعل الصادر عن الفاعل المختار ما لم تتعلق به الإرادة لا يصدر منه.
الثاني : ان من أراد شيئا بالإرادة التكوينية سوف يتصدى إلى حفظه من ناحية مقدمته ، فمن أراد شرب الماء سوف يتصدى إلى حفظ مقدمته التي هي إعداده مثلا ـ ولو فرض عدم تعلق الشوق والإرادة بها ـ وهذا يقتضي انه لو إرادة تشريعيا يحفظه أيضا من ناحية مقدمته بإيجابه غيريا ، فان الحفظ في الإرادة التكوينية يكون بفعل المقدمة وفي الإرادة التشريعية يكون بإيجابه على العبد.
وهذا الدليل بكلا التقريبين للصغرى باطل.
اما التقريب الأول : فلانا لو فرضنا التشكيك في الملازمة بين الإرادتين في التشريعية فبالإمكان أن يشكك في الإرادة التكوينية أيضا ، وما أقيم كبرهان في هذا التقريب مدفوع : بان إتيان المقدمة قد يكون بنفس الإرادة التكوينية المتعلقة بذي المقدمة.
واما التقريب الثاني : فالجواب عليه ان حفظ المراد التشريعي من ناحية مقدمته كما يمكن ان يكون بإيجابها غيريا كذلك يمكن بنفس الإيجاب النفسيّ لذيها فانه يقتضي الإتيان بالمقدمة في مقام الامتثال ، سيما والإيجاب الغيري لا حافظية له لأنه لا منجزية له ولا محركية.
ومنها ـ أنه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها ، وإذا جاز تركها فاما ان يفترض العقاب عليه أولا ، وكلاهما باطل. إذ لو فرض العقاب كان خلف الجواز ، ولو فرض عدم العقاب كان معناه انقلاب الواجب النفسيّ المطلق إلى الواجب المشروط وانقلاب مقدمة الوجود مقدمة للوجوب وهو خلف أيضا. اذن فكلا التاليين في الشرطية الثانية باطلان فلا بد وان يكون التالي من الشرطية الأولى باطلا أيضا ، فيبطل الشرط وهو عدم وجوب المقدمة ويثبت وجوبها وهذا هو الدليل المنقول في الكفاية عن أبي الحسن البصري بعد تعديله بحيث يصلح ان يكون بيانا فنيا.
وفيه : انه لو أريد من جواز الترك في الشرطية الأولى جواز ترك الوضوء مثلا بما هو وضوء فالشرطية الأولى صادقة ولكن الشرطية الثانية نسلم فيها بالعقاب ولا يكون