وجود الشيء العيني والذهني بينما لازم الوجود هو ما يكون لازما لوجوده العيني فقط (١).
وهذا الّذي أفاده ( قده ) غير تام وذلك ببرهان ان لوازم الماهية تثبت لملزومها وهو الماهية حتى لو قيد بعدم مطلق وجودها حيث تصدق القضية القائلة الإنسان غير الموجود في الخارج ولا في الذهن ممكن أو الأربعة غير الموجودة زوج وليس المحكوم عليه في هذه القضايا الوجود الذهني للملزوم المتصور في طرف موضوعها فانه خلف وتناقض ، لأن تصور الأربعة غير الموجودة ـ أي الأربعة غير الموجودة بالحمل الشائع ـ ليس بأربعة غير موجودة بل هي أربعة موجودة فلا يمكن ان يكون الحكم على هذا العنوان بلحاظ نفسه بالحمل الشائع وانما بلحاظه ، بالحمل الأولي كما هو واضح.
وصدق هذه القضايا برهان على ما كنا نقوله مرارا من ان عالم الواقع أوسع من عالم الوجود العيني أو الذهني ، فلوازم الماهية هي أمور واقعية وليست أمورا وجودية حقيقية ، ولذلك تكون صادقة وثابتة مع فرض عدم الوجود فهي أمور واجبة ضرورية ولكنها ليست واجبة بوجودها وانما واجبة بذاتها ، ولذلك لا يلزم تعدد واجب الوجود ، وما قيل من انها معلولات للملزوم فبناء على أصالة الوجود لا يعقل تأثير الماهية فيها واستلزامها لها ، مدفوع بان نسبة هذه اللوازم إلى ملزوماتها انما هي نسبة العرض إلى المعروض لا المعلول إلى العلة بمعنى انها ليست أمورا وجودية كي تحتاج إلى العلة في إيجادها وانما هي أمور واقعية واجبة بذاتها وواقعيتها لا بوجودها ، بل لا وجود لها وانما لها الواقعية والثبوت الذاتي سواء تحقق وجود للملزوم أم لا وبهذا يعرف ان لوازم الماهية ليست مجعولة حقيقة أصلا حتى الجعل بالتبع أي الجعل الحقيقي للشيء بتبع جعل منشأه وعلته ، وانما هي مجعولة بالعرض والمجاز باعتبار انتزاعها من الملزوم الموجود فالوجود للملزوم حقيقة وليس للازم الا مجازا.
وعلى هذا الأساس يعرف ان وجوب المقدمة على القول به ليس من لوازم الماهية ؛ باعتباره امرا وجوديا يمكن ان يكون ويمكن ان لا يكون في نفس المولى ولوازم الماهية كما قلنا أمور واجبة بذاتها وواقعيتها وصادقة بقطع النّظر عن الوجود. ومن كل ذلك
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ١ ص ١١٤.