أخرى وهي ان الإطلاق إذا كان مفاده التعيين لا السعة من قبيل تعيين الوجوب بالإطلاق أو تعيين سيد البلد مثلاً من إطلاق كلمة السيد فهو مقدم على الإطلاق الّذي يكون مفاده التوسعة لأن نتيجة الإطلاق الأول يكون أخص من نتيجة الإطلاق الثانية في الصدق وهذا كاف في التقديم فلو ورد مثلاً أكرم العلماء وورد لا تكرم زيدا وعندنا زيدان أحدهما جاهل مجهول والآخر عالم كبير ينصرف إليه الإطلاق فالعرف سوف يتعامل معهما تعامل التخصيص وما نحن فيه من هذا القبيل.
هذا وهناك فوارق وثمرات فقهية عديدة بين هذه المسالك الثلاثة اتضح بعضها من خلال المناقشات المتقدمة ونشير إلى جملة منها.
فمن جملتها ـ تطرق قواعد الجمع الدلالي والعرفي على مسلك الوضع والإطلاق بخلاف مسلك حكم العقل فانه بناء عليه لا يكون الوجوب مدلولاً للفظ الأمر لكي يجمع بينه وبين دليل الترخيص على ضوء إحدى قواعد الجمع العرفي وانما يكون دليل الترخيص حينئذ وارداً على حكم العقل بالوجوب ورافعاً لموضوعه.
ومنها ـ انه على مسلك الوضع والإطلاق تثبت لوازم الوجوب أي لوازم الملاك والشوق الأكيد والشديد فلو علمنا من الخارج بان الدعاء عند رؤية الهلال والدعاء في آخر الشهر متساويان في درجة الملاك والمحبوبية وورد امر بأحدهما أثبتنا به وجوبه بالمطابقة ووجوب الآخر بالملازمة بينما لا يمكن ذلك بناء على مسلك حكم العقل لأن الوجوب حينئذ ليس مرتبة ثبوتية ولا ربط له بالمبادئ والملاكات لكي يكشف عنها وعن ملازماتها وانما هو حكم عقلي ينتزع من طلب شيء وعدم الترخيص في تركه.
ومنها ـ ثبوت دلالة السياق على مسلك الوضع وسقوطه على مسلك الإطلاق وحكم العقل ، وتوضيح ذلك : ان مبنى الفقهاء عادة في الفقه على انه إذا وردت أوامر عديدة في سياق واحد وعرفنا من الخارج استحباب بعضها اختل ظهور الباقي في الوجوب على القول بوضع الأمر للوجوب إذ يلزم من إرادة الوجوب منه حينئذ تغاير مدلولات تلك الأوامر مع ظهور وحدة السياق في إرادة المعنى الواحد من الجميع ، واما بناء على مسلك حكم العقل فجميع الأوامر مستعملة في معنى واحد وهو الطلب والوجوب حكم