من تشخيص موضوع حكم العقل الحاكم في هذا الباب ، ولا شك عندنا في ان موضوع حكمه هو إتيان ما هو موضوع للثواب أو العقاب الانفعاليين بحسب اعتقاده ، أي امتثال ذلك أو تركه بحسب اعتقاده.

إذا عرفت ذلك قلنا : ان القائل بترتب الثواب على فعل المقدمة بقصد الامتثال كسبب مستقل للثواب يمكن ان يستند إلى أحد وجوه ثلاثة كلها غير تامة.

الوجه الأول ـ دعوى وجدانية الفرق بين من يأتي بالواجب مع مقدمات طويلة تجب عليه وبين من يأتي به بلا مقدمة بينه وبين الواجب ولا مشقة ، فان العقل يحكم بأن الأول يستحق ثوابا زائدا.

وفيه : انه أعم من المدعى ، إذ القائل بوحدة السبب يعترف بزيادة الثواب في هذه الحالة بقاعدة أفضل الأعمال أحمزها ، ولكنه ثواب على الواجب النفسيّ الّذي أصبح شاقا ، فالسبب للثواب الزائد واحد كمن يأتي بواجب أصعب فليس حال هذين كحال من يأتي بواجب نفسي واحد ومن يأتي بواجبين ، ولعل الوجدان يقضي بهذا الفرق أيضا.

الوجه الثاني ـ ان موضوع الثواب المولوي هو التعظيم واحترام المولى لا الإحسان إليه ، ولا إشكال في ان فعل المقدمة بقصد الامتثال والتوصل إلى ذي المقدمة انقياد وتعظيم للمولى سواء جاء بذي المقدمة بعد ذلك أم لا ، فالتعظيم متعدد فلا بد وان يكون الثواب متعددا أيضا.

وفيه : ان التعظيم والانقياد وان كان هو موضوع الثواب المولوي الا ان الكلام في ان العقل الحاكم في هذا المجال يرى الانقياد والتعظيم في أي شيء؟ في إتيان الواجب الغيري للمولى أو إتيان الواجب النفسيّ أي امتثال ما هو موضوع الثواب الانفعالي لو كان المولى ممن ينفعل ، ولا شك ان العقل انما يحكم بالثاني وان التعظيم انما يتحقق بمقدار ما يسير المكلف ويتحرك نحو تحقيق المطلوب النفسيّ للمولى في ضوء ما وصل إلى المكلف وانكشف لديه ـ بحسب اعتقاده ـ وعليه فلا يتكثر الثواب موضوعا بل يكون كل حركة العبد من المقدمات وإلى النتيجة تعظيما وانقيادا واحدا طويلا ولعله شاقا ، نظير الواجب النفسيّ الطويل ونظير الواجب الارتباطي ذي الاجزاء الكثيرة

۴۴۲۱