عن وجوب الوضوء ، إذ يعلم على كل حال بترتب العقوبة على مخالفته اما بنفسه أو باعتباره يؤدي إلى ترك الواجب النفسيّ فلا تجري البراءة عنه. وان شئت قلت : بلحاظ عالم الأمر وان لم يكن انحلال الا انه بلحاظ عالم العهدة والتحميل يتم الانحلال. إذ يعلم باشتغال الذّمّة بالوضوء على كل حال فيكون حاله حال الانحلال في سائر موارد الدوران بين التعيين والتخيير ، والنتيجة جواز ترك الزيارة دون الوضوء.

الثالثة ـ نفس الصورة مع فرض انه على تقدير الغيرية يكون مقدمة لواجب نفسي مردد بين أمور غير محصورة ، فيتشكل علم إجمالي بوجوب نفسي مردد بين أمور غير محصورة. وقد حققنا في محله جريان البراءة في تمام أطرافها وان العلم الإجمالي فيها لا ينجز حتى حرمة المخالفة القطعية ، فتجري البراءة عن وجوب الوضوء النفسيّ ويجوز تركه.

الرابعة ـ نفس الصورة الثانية مع اختلاف من حيث ان الواجب الاخر ثابت على كل حال ، أي سواء كان الواجب الأول نفسيا أو غيريا وقيدا للواجب الاخر ، كالصلاة لغير الحائض أو الحج للمستطيع.

وقد ذكر المحقق النائيني ( قده ) هنا ان أصل وجوب كل من الواجبين ثابت معلوم هنا وانما الشك في تقيد أحدهما بالاخر فتجري البراءة عنه ، ونتيجة ذلك نفسيتهما معا فبإمكان المكلف إيقاع أي منهما قبل الاخر (١).

وناقش في ذلك السيد الأستاذ : بأنا نعلم علما إجماليا بوجوب الوضوء نفسيا أو وجوب تقيد الصلاة بالوضوء نفسيا وهذا علم إجمالي منجز غير منحل لا حقيقة كما هو واضح ولا حكما ، لأن الأصل المؤمن عن وجوب التقيد يعارض الأصل المؤمن عن الوجوب النفسيّ للوضوء الّذي يجري بلحاظ العقوبة الزائدة في تركه ، إذ الوضوء لو كان واجبا في المقام بوجوب نفسي كان في تركه عقوبة زائدة على عقوبة ترك الواجب الاخر على تقدير تقيده به (٢).

والصحيح ما أفاده المحقق النائيني ( قده ) فيما إذا فرض وحدة الواقعة وعدم تكررها. توضيح ذلك : ان أصالة البراءة عن التقيد مع أصالة البراءة عن وجوب الوضوء

__________________

(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ١٧٠.

(٢) هامش المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٧٠. محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٩٢.

۴۴۲۱