نفس تلك المصالح إلى إدخال أسبابها أو مقدماتها كالصلاة والصوم في العهدة مع ان مقتضى القاعدة لزوم التطابق بين ما يسجله المولى في العهدة وبين غرضه؟ فالجواب عليه يمكن ان يكون بأحد وجوه :

الأول : ـ ما يستفاد من بعض كلمات المحقق النائيني ( قده ) من أن تلك المصالح ربما تتوقف على مقدمات وأمور أخرى خارجة عن قدرة المكلفين واختيارهم وما هو داخل تحت اختيارهم هو الفعل فيأمر به فحسب ، (١) ولا يرد عليه : ما أورده السيد الأستاذ من ان الغرض الأقصى وان كان خارجا عن القدرة الا ان الغرض الأدنى وهو الاعداد والتهيؤ يكون تحت قدرة المكلف فلا بد وان يدخله في العهدة (٢). فان التهيؤ والاعداد الموصل إلى الغرض الأقصى أيضا ليس تحت القدرة ، والاعداد والتهيؤ الأعم حاله حال الفعل من حيث انه ليس المطلوب الحقيقي لا النفسيّ ولا الغيري ، بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب والشوق الغيريين بالمقدمة الموصلة ، وانما هو المطلوب بالمسامحة فأي فرق في إعمال المسامحة بين ان يطلب الاعداد أو ذات الفعل؟ (٣) الثاني ـ غموض المصلحة المطلوبة للمولى لدى المكلف وعدم إمكان تشخيصها الا من قبل المولى نفسه من خلال ما يأمر به من الأفعال والعناوين التي قد تكون مشيرة إليها فلا محيص عن الأمر بها.

الثالث ـ التباس الطرق الموصلة إلى تلك المصلحة المطلوبة بحيث لا يثق المولى بأنه لو امر بالمصلحة ابتداء لسلك المكلف طريقا صحيحا موصلا إليها ، كما إذا كان الغرض مثلا حفظ النظام الاجتماعي الّذي تختلف فيه الأذواق والأنظار لو ترك ذلك إلى المكلفين أنفسهم ، فالمولى يشخص الطريق الّذي يراه موصلا إليه ـ ولو نوعا وغالبا ـ فيأمر به تعيينا حفاظا على غرضه في دائرة أوسع وتجنبا عن وقوع المكلفين في الخطأ إذا ترك الأمر إليهم.

__________________

(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ١٦٧.

(٢) هامش المصدر السابق ، ج ١ ، ٢ ١٦٧.

(٣) إذا كان غرض المولى وما يهتم به حصول الغرض الأقصى فإذا كان بعض مقدماته غير اختيارية لزم تقييد الأمر بالفعل ـ وهو مقدمة الاختيارية ـ بفرض تحقق تلك المقدمات الخارجة عن قدرة المكلف ، وان كان المولى يكتفي بمجرد حصول التهيؤ والاستعداد لبلوغ الهدف الأقصى لكونه بنفسه درجة من الكمال فيكون هو المطلوب النفسيّ فلا بد من الأمر به ولعل هذا هو مقصود المستشكل.

۴۴۲۱