وأما الفرض الثاني فالحكم فيه هو الإجمال على كل حال ، لأنه من الإجمال والشك في أصل انعقاد الظهور الإطلاقي ذاتا على جميع المسالك والتقريبات فلا يمكن التمسك بإطلاق الهيئة لإثبات سعة الوجوب.
( تذنيب ) ذكر المحقق النائيني ( قده ) في المقام أمرا هو مطلب كلي في باب التعارض ولكنه طبقه هنا بالمناسبة وحاصله : ان قانون الجمع بين الدليلين بتقديم الأقوى منهما انما يكون بين دليلين متعارضين ذاتا لا عرضا من جهة العلم الإجمالي من الخارج بكذب أحدهما ، كما إذا علمنا من الخارج بكذب أحد خطابين أما خطاب ( لا يضر الصائم إذا اجتنب عن ثلاث : الطعام والشراب والنساء ) أو خطاب ( لا تقضي الحائض ما فاتها من الصلاة ) فعلمنا بخروج الارتماس من الأول أو صلاة الآيات من الثاني مثلا ، فانه لا يقدم إطلاق أحدهما على الآخر ولو كان أقوى. ومقامنا من هذا القبيل فانه لا تعارض بالذات بين إطلاق المادة والهيئة في دليل واحد.
وما يمكن ان يجعل بيانا فنيا لهذه الدعوى أحد وجوه.
الأول ـ قياس ذلك بباب العلم الإجمالي بكذب أحد الخبرين ، حيث ان ذلك لا يوجب تقديم الخبر الّذي يكون لسان الخطاب فيه أقوى على الاخر ، لأن نسبة العلم الإجمالي إلى كل منهما على حد واحد ، فكذلك الحال في الظهورين اللذين يعلم إجمالا بكذب أحدهما.
وفيه : انه خلط بين مرحلة الصدور ومرحلة الدلالة والكشف عن المراد الواقعي للمتكلم ، فان قواعد الجمع العرفي ترتبط بمرحلة الدلالة والكشف عن المراد وتضع ملاكا لتشخيص مرام المتكلم على ضوء ما هو أقوى كشفا وأصرح دلالة ، فلو علم إجمالا بكذب إحدى الدلالتين والكشفين وكانت إحداهما أقوى من الأخرى كان احتمال الكذب وعدم التطابق في الأقوى أضعف منه في الأضعف فيقدم عليه ويجعل قرينة على تشخيص المراد.
الثاني ـ انه من اشتباه الحجة باللاحجة فتكون من الشبهة المصداقية لدليل الحجية ، لأن حجية الظهور مشروطة بعدم العلم بالكذب ويعلم إجمالا بكذب أحدهما فيسقطان معا عن الحجية ، ولا تجري قواعد الجمع العرفي لأنها تجري في تقديم أقوى