ثم عثر على رواية معتبرة تدل على وجوب الظهر تعيينا ، فالصحيح عدم الاجزاء ولزوم الإعادة والقضاء ، لأن ذلك مدلول التزامي للأمارة نفسها على كل تقدير.
وإذا انكشف الخلاف بالأصل فهناك صور عديدة نذكر فيما يلي أهمها :
الأولى ـ ان ينكشف الخلاف بالاستصحاب في شبهة موضوعية ، كمن توضأ فشك في أثناء وضوئه وبنى على قاعدة التجاوز فيه ثم ظهر له بحجة أخرى اجتهادا أو تقليدا عدم جريانها في اجزاء الوضوء ، فجرى في حقه استصحاب عدم الإتيان بالجزء المشكوك من وضوئه.
وفي هذه الصورة لا إشكال في وجوب الإعادة في داخل الوقت بحكم هذا الاستصحاب ، بل وبأصالة الاشتغال أيضا لأن الشك في الفراغ من الامتثال.
واما إذا كان الانكشاف خارج الوقت ، فائضا لا إشكال في وجوب القضاء لو قيل بأنه بالأمر الأول ، أو قيل ان موضوعه عدم الإتيان الثابت بالاستصحاب ، واما إذا كان موضوعه الفوت فقد ذكر صاحب الكفاية انه لا يمكن إثباته باستصحاب عدم الإتيان لأنه مثبت (١) ، فيكون المرجع أصالة البراءة عن وجوب القضاء. وهذا الكلام رغم فنيته يرد عليه نقض يصعب الجواب عليه ، وهو انه يلزم منه عدم وجوب القضاء حتى إذا انكشف الخلاف في الوقت ولكنه قصر ولم يعد إلى ان خرج الوقت ، إذ سوف يشك أيضا في توجه امر جديد إليه ، ولا يمكن إثبات موضوعه بالاستصحاب فتجري البراءة.
وقد يقال : بأن المكلف في هذا الفرض يصدق عليه انه قد فاته الفريضة الواجبة عليه ظاهرا بالاستصحاب فيجب عليه قضاؤها ، نعم إذا لم يكن الاستصحاب واصلا إليه لا يصدق عليه الفوت والخسارة لأن حقيقة الحكم الظاهري متقومة بالوصول والتنجز.
وقد يجاب : بان ظاهر دليل وجوب القضاء بعد فرض انه امر جديد الوجوب الواقعي كما هو الحال في سائر الأوامر ، وحينئذ موضوع هذا الوجوب الواقعي ان كان
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٣٥.