وقد اعترض عليه باعتراضين :
الاعتراض الأول ـ ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) ـ من ان احتمال الاجزاء اما ينشأ من احتمال وفاء الفعل الاضطراري بتمام الملاك أو ينشأ من احتمال عدم إمكان التدارك لما يتبقى من الملاك وعلى كلا التقديرين لا تجري البراءة بل يجب الاحتياط اما على الفرض الأول فلأنه يكون من الدوران بين التعيين والتخيير ، إذ لو كان الفعل الاضطراري وافيا بالملاك فالحكم هو التخيير والا فالحكم هو تعيين الفعل الاختياري ، والأصل في موارد الدوران بين التعيين والتخيير هو الاحتياط كما اختاره المحقق الخراسانيّ نفسه.
واما على الفرض الثاني فيرجع الشك في التكليف إلى الشك في القدرة على تحصيل الملاك التام وعدمه وهو مجرى الاحتياط أيضا (١) ولنا على كل من الفرضيتين كلام : اما على الفرضية الأولى والتي يكون الشك في الاجزاء وعدمه فيها لاحتمال الوفاء بالملاك فلا بد من الرجوع إلى المسلك الّذي اخترناه لتصوير الأمرين الاضطراري والاختياري بناء على عدم الاجزاء ، فان اخترنا هناك تعدد الأمر بنحو يكون أحدهما امرا بالجامع والآخر بالحصة الاختيارية فالشك في الاجزاء وعدمه سوف يرجع إلى القطع بوجود امر بالجامع بين الاضطراري والاختياري على كل حال والشك في وجود امر ثان بالاختياري ، وهو من الشك في تكليف زائد ولا ربط له ببحث الدوران بين التعيين والتخيير.
وان اختير معقولية الأمر بكل من الاضطراري والاختياري على نحو التخيير بين الأقل والأكثر كان الأمر في المقام دائرا بين شقين ؛ الاجزاء وهو يعنى الأمر التخييري بهما بنحو التخيير بين المتباينين ، وعدم الاجزاء الّذي يعني الأمر التخييري بهما بنحو التخيير بين الأقل والأكثر ، وهذا معناه اننا نقطع بوجود امر تخييري في المقام كما نقطع ان الفعل الاختياري في آخر الوقت طرف لهذا الأمر التخييري وانما نشك في طرفه
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ٩٤.