العذر وعدم استمراره ينكشف انه لا امر اضطراري واقعا ليبحث عن اجزائه وعدمه ، نعم قد يفترض ثبوت الأمر الاضطراري له ظاهرا بحكم دليل أو أصل كان يقتضي بقاء العذر واستمراره إلى آخر الوقت فيدخل في بحث اجزاء الأمر الظاهري حينئذ والّذي سوف نثبت فيه عدم الاجزاء.
وأخرى يفترض ان دليل الأمر الاضطراري لم يشترط فيه استمرار العذر إلى آخر الوقت. وحينئذ تارة : يفرض ان دليل الحكم الاختياري يشمل ولو بإطلاقه من صدر منه الفعل الاضطراري ثم زال عذره ، وأخرى : يفرض عدم إطلاقه له ، فان فرض الأول كان من الواضح ان مقتضى هذا الإطلاق عدم الاجزاء ، فالكلام لا بد وان يكون في ان دليل الأمر الاضطراري هل يكون مقيدا لهذا الإطلاق لدليل الأمر الاختياري أم لا؟ وفي المقام منهجان لإثبات هذا التقييد. المنهج العقلي وهو الّذي انتهجته مدرسة المحقق النائيني ( قده ) والمنهج الاستظهاري.
اما المنهج العقلي فحاصله : دعوى الدلالة الالتزامية العقلية لدليل الأمر الاضطراري على الاجزاء بتقريب انه قد مضى انحصار المحتملات الثبوتية للواجب الاضطراري في أربعة فروض كلها كانت مقتضية للاجزاء وعدم الإعادة الا الفرض الرابع ، فلو أقيم البرهان العقلي على إبطال الفرض الرابع تعين الاجزاء فنقول : ان دليل الأمر الاضطراري لا ينسجم مع الفرض الرابع وهو ما إذا كان يبقى مقدار مهم من الملاك الواقعي قابل للتدارك ، إذ على هذا الفرض لا يمكن تعقل الأمر الاضطراري بمجرد العذر في وقت العمل لأن الأمر الاضطراري يتصور بأحد إشكال ثلاثة كلها غير صحيحة وغير معقولة في المقام.
الأول ـ أن يجب عليه الفعل الاضطراري تعيينا وهذا واضع البطلان إذ لا شك في انه يجوز له ان يصبر إلى ان يزول العذر في الوقت ويأتي بالفرد الاختياري.
الثاني ـ ان يكون مخيرا بين الفعل الاضطراري حين العذر والفعل الاختياري بعد زوال العذر بنحو التخيير بين المتباينين ، وهذا غير معقول أيضا لأنه خلاف المفترض في الفرض الرابع من بقاء مقدار من الملاك ملزم قابل للتدارك وانما هو منسجم مع الفرضين الأول والثاني.