الاعتراض الثاني ـ وهو مبني على ما قرر في الاعتراض السابق وحاصله : انه إذا استحال التقييد والمفروض ان الإهمال ثبوتا غير معقولا أيضا فلا محالة يثبت ضرورة الإطلاق الا ان هذا الإطلاق الضروري لا ينفع لنفي التعبدية وإثبات توصلية الواجب لأنه بحسب الفرض الفرق بين التعبدي والتوصلي ليس في الواجب بل في الغرض وإطلاق الواجب لا يمكن ان يكشف عن الإطلاق في الغرض إذا كان الإطلاق ضروريا لأنه لا يمكنه التقييد حتى إذا كان الغرض مقيدا.
وهذا الاعتراض يتجه بناء على ما هو الصحيح من ثبوت الإطلاق الذاتي في الطبيعة المهملة أو يقال باستحالة الإهمال الثبوتي واما إذا قلنا بإمكان إهمال الطبيعة إهمالا لحاظيا وانها في قوة الجزئية لا المطلقة فبعد استحالة التقييد يبقى عندنا فرضان الإهمال والإطلاق وحينئذ إذا كان برهان استحالة التقييد مسألة لزوم أخذ الأمر أو وصوله في موضوع الأمر المستلزم للدور ـ الوجه الأول ـ فهذا البرهان كما يثبت استحالة التقييد يثبت استحالة الإهمال أيضا لأن المهملة حيث انها في قوة المقيدة فلا بد من تقيد الأمر بها بالأمر أو بوصوله. فيكون على هذا المسلك الإطلاق ضروريا ويتم هذا الاعتراض واما إذا كان برهان استحالة التقييد مخصوصا بفرض التقييد كما في سائر الوجوه المتقدمة للاستحالة فلا يكون الإطلاق ضروريا إذ لا يتعين في قبال الإهمال الّذي هو في قوة الجزئية فإذا كان غرض المولى في المقيد أمكنه جعل الأمر على الطبيعة المهملة التي هي في قوة الجزئية فمع إطلاق الجعل نستكشف إطلاق الغرض وهو معنى التوصلية.
الاعتراض الثالث ـ وتصل النوبة إليه بعد التنزل عن الاعتراضين السابقين وان الإطلاق ثبوتا لا هو مستحيل ولا هو ضروري فيقال : ان هذا الإطلاق الثبوتي لا يمكن إحرازه بمقدمات الحكمة إثباتا إذا كان التقييد مستحيلا لأن مرجع مقدمات الحكمة إلى دلالة عرفية على الإطلاق الثبوتي من عدم إبراز التقييد إثباتا ، فإذا لم يمكن إبراز التقييد لا يكون عدم ذكر القيد إثباتا كاشفا عن الإطلاق ثبوتا. وهذا معناه : ان الإطلاق الحكمي الإثباتي أخذ فيه قابلية التقييد فما قاله المحقق النائيني ( قده ) من انه إذا استحال التقييد استحال الإطلاق تام إذا كان النّظر إلى مرحلة الإثبات والدلالة