التوصّليات ، وعدم جوازه في المندوبات التعبّدية ، فليس مطّرداً ولا منعكساً.

استدلال بعض الأساطين على الحرمة وتوضيحه

نعم ، قد استدلّ على المطلب بعض الأساطين في شرحه على القواعد بوجوه ، أقواها : أنّ التنافي بين صفة الوجوب والتملّك ذاتي ؛ لأنّ المملوك والمستحقّ (١) لا يملك ولا يستحقّ ثانياً (٢).

توضيحه : أنّ الذي يقابل المال لا بدّ أن يكون كنفس المال ممّا يملكه المؤجر حتى يملّكه المستأجر (٣) في مقابل تمليكه المال إيّاه ، فإذا فرض العمل واجباً لله ليس للمكلّف تركه ، فيصير نظير العمل المملوك للغير ، ألا ترى أنّه إذا آجر نفسه لدفن الميّت لشخص لم يجز له أن يؤجر نفسه ثانياً من شخص آخر لذلك العمل ، وليس إلاّ لأنّ الفعل صار مستحقّاً للأوّل ومملوكاً له ، فلا معنى لتمليكه ثانياً للآخر مع فرض بقائه على ملك الأوّل ، وهذا المعنى موجود فيما أوجبه الله تعالى ، خصوصاً فيما يرجع إلى حقوق الغير ، حيث إنّ حاصل الإيجاب هنا جعل الغير مستحقّاً لذلك العمل من هذا العامل ، كأحكام تجهيز الميت التي جعل الشارع الميت مستحقّاً لها على الحي ، فلا يستحقّها غيره ثانياً.

المناقشة في الاستدلال

هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ هذا الوجه أيضاً لا يخلو عن الخدشة ؛ لإمكان منع المنافاة بين الوجوب الذي هو طلب الشارع الفعل ، وبين‌

__________________

(١) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : المملوك المستحق.

(٢) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٢٧.

(٣) في «ف» : للمستأجر.

۲۷۲۱