بتركها أو ترك الشاقّ منها والالتزام بالأسهل ؛ فإنّهم لا يرغبون في الصناعات الشاقّة أو الدقيقة إلاّ طمعاً في الأُجرة وزيادتها على ما يبذل لغيرها من الصناعات ، فتسويغ أخذ الأُجرة عليها لطف في التكليف بإقامة النظام.
وفيه : أنّ المشاهَد بالوجدان أنّ اختيار الناس للصنائع الشاقّة وتحمّلها ناشٍ عن الدواعي الأُخر غير زيادة الأُجرة ، مثل عدم قابليته لغير ما يختار ، أو عدم ميله إليه ، أو عدم كونه شاقّاً عليه ؛ لكونه ممّن نشأ في تحمّل المشقّة ، ألا ترى أنّ أغلب الصنائع الشاقّة من الكفائيات كالفلاحة والحرث والحصاد وشبه ذلك لا تزيد أُجرتها على الأعمال السهلة؟
السادس : أنّ الوجوب في هذه الاُمور مشروط بالعوض
السادس أنّ الوجوب في هذه الأُمور مشروط بالعوض.
قال بعض الأساطين بعد ذكر ما يدلّ على المنع عن أخذ الأُجرة على الواجب ـ : أمّا ما كان واجباً مشروطاً فليس بواجب قبل حصول الشرط ، فتعلّق الإجارة به قبله لا مانع منه ولو كانت هي الشرط في وجوبه ، فكلّ ما وجب كفاية من حِرَفٍ وصناعاتٍ لم تجب إلاّ بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوهما ، فلا فرق بين وجوبها العيني ؛ للانحصار ، ووجوبها الكفائي ؛ لتأخّر (١) الوجوب عنها وعدمه قبلها ، كما أنّ بذل الطعام والشراب للمضطرّ إن بقي على الكفاية أو تعيّن يستحقّ (٢) فيه أخذ العوض على الأصحّ ؛ لأنّ وجوبه مشروط ، بخلاف
__________________
(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : لتأخير.
(٢) في «ف» : فيستحقّ.