ودفنه في زمان قريب.
فالمتحصل : أنه لم تثبت كراهة في النقل بوجه فهو أمر سائغ من دون كراهة. وهذا الحكم لا يفرق فيه بين النقل إلى الأماكن القريبة والبعيدة كما هو ظاهر.
الجهة الثانية : النقل إلى الأماكن المتبركة كالمشاهد المشرفة وغيرها من الأماكن التي يتقرّب بالدّفن فيها إلى الله سبحانه جائز بل مستحب ، كالنقل إلى بيوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كالمعصومة عليهاالسلام وغيرها من قبور الأئمة وبناتهم ، أو النقل إلى قبر عالم من العلماء أو سيد من السادات للتوسّل بهم والاستشفاع بقبورهم ، بل عن المحقق في المعتبر أنه مذهب علمائنا خاصّة ، وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهمالسلام إلى الآن وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه (١).
ولا كراهة فيه بوجه ، لأن المدرك في الكراهة إن كان هو الإجماع المدعى فلا إجماع في النقل إلى الأماكن المتبركة ، وإن كان المدرك هو استحباب المسارعة إلى الخيرات فالنقل إلى المشاهد المشرفة وما بحكمها هي عين المسارعة إلى الخيرات لأنه توسل واستشفاع بهم عليهمالسلام ، نعم لو تمت رواية الدعائم من حيث السند لدلّت على مبغوضية النقل ولو إلى الأماكن المتبركة ، لدلالتها على ذم نقل الموتى إلى بيت المقدس كما عرفت ، إلاّ أنها مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.
ويؤيد ما ذكرناه رواية علي بن سليمان قال : « كتبت إليه أسأله عن الميِّت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيهما أفضل؟ فكتب : يحمل إلى الحرم ويدفن فهو أفضل » (٢).
والمروي عن إرشاد الديلمي وفرحة الغري من قضية اليماني الحامل لجنازة أبيه فقال له علي عليهالسلام : لِمَ لا دفنته في أرضكم؟ قال أوصى بذلك ، فقال له : ادفن
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٠٧.
(٢) الوسائل ١٣ : ٢٨٧ / أبواب مقدمات الطواف ب ٤٤ ح ٢.