لدماء الشيعة وتحفظاً عليهم (١) ، فممّا لا يصغي إليه ، لحجية الظهور والسند ، وهي تقتضي العمل بالرواية إلاّ أن يكون لها معارض وتنتهي النوبة إلى الترجيح بموافقة العامّة ومخالفتهم ، ليحمل الموافق على التقيّة ويؤخذ بالمخالف.

فالصحيح استحباب الوضوء في غسل الميِّت ، ولا سيما على مسلكنا من أنّ الوجوب والاستحباب خارجان عن المداليل اللّفظية والصيغ ، وإنّما يستفادان من وجود القرينة على الترخيص وعدمها ، فالحاكم بالوجوب أو الاستحباب هو العقل فإنّه في المقام نرى القرينة على الترخيص موجودة وهي الوجوه المتقدِّمة المستدل بها على عدم الوجوب ، فالعقل ينتزع الاستحباب من ذلك لا محالة.

هل الاستحباب خاص بما قبل الغسل؟

الجهة الثالثة : هل الاستحباب يختص بما قبل الغسل أو أنّه مستحب قبله وبعده؟.

قد يقال : بعدم مشروعية الوضوء بعد التغسيل ، لأنّ الأخبار الآمرة به مشتملة على كلمة « ثمّ يوضأ الميِّت ثمّ يغسل رأسه ووجهه » ففي رواية معاوية بن عمار قال : « أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أعصر بطنه ثمّ أُوضيه بالأشنان ثمّ أغسل رأسه بالسدر ولحييه ... » (٢) وهي تدل على التراخي فلا دليل على مشروعية الوضوء بعد التغسيل.

هذا ، ولكن يمكن القول باستحباب الوضوء مطلقاً ولو بعد التغسيل ، وذلك للمطلقات الدالّة على أن كل غسل معه وضوء إلاّ غسل الجنابة ، وأنّ الجنابة ليس قبلها ولا بعدها وضوء (٣).

__________________

(١) الحدائق ١ : ٥ / المقدمة الأُولى.

(٢) الوسائل ٢ : ٤٨٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٨ وهي معتبرة وقد قدّمنا [ في ص ٣ ] أن في التهذيب : « ثمّ أوضيه ثمّ اغسله بالأشنان ... ».

(٣) الوسائل ٢ : ٢٤٨ / أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ١ ، ٢.

۳۸۳