لحال الدليل الآخر بمدلوله اللفظي فيكون قرينة عليه ـ ، وان كان منفصلا عنه ، لعدم الفرق بين كلتا القرينتين في ملاك التقديم ، وهو التعرض لبيان المراد الجدي بالمدلول اللفظي.

وبذلك يفترق المقام عن التخصيص ، لأن تعرض الدليل المخصص إلى البيان المراد الجدي من العام ليس بمدلوله اللفظي ، بل بمقتضى حكم العقل ، لأنه بعد ان يرى التنافي بين شمول الحكم لهذا الفرد وشمول آخر له للتضاد بين الأحكام ـ ، يرى ان أحد الدليلين مناف للآخر. فلا بد من العمل بأحدهما لا كليهما ، فلا بد من تقديم أحدهما على الآخر. فيلاحظ حينئذ مرجحات التقديم من أقوائية الظهور والنسبة وغيرهما ، إذ لا وجه لتقديم المخصص مطلقا على العام ، فإذا قدم المخصص وخصص العام حكم العقل حينئذ بان المراد الجدي من العام هو الباقي لا الجميع ، فقرينية التخصيص ليست لفظية بل عقلية ، ولذلك لا يكون ملاك تقديم أحد الدليلين على الآخر تخصيصا هو القرينية بل مرجحات التقديم.

وقد ذهب المحقق النائيني قدس‌سره إلى : أن تقديم الخاصّ على العام بملاك القرينية (١).

ولكنه غير مسلم وستعرف ما فيه في بيان الوجه في تقديم الخاصّ على العام في باب التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى فانتظر.

واما الوجه في تقديم الوارد على المورود ، فهو واضح جدا ، لأن أحد الدليلين ناظر إلى مقام يختلف عن المقام الّذي ينظر إليه الآخر ، وبعد ورود الدليل الوارد والأخذ به يرتفع موضوع الدليل المورود حقيقة ، فلا يبقى لوروده حينئذ مجال لارتفاع موضوعه.

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٧٢٠ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۵۰۱