ولكن المحقق الخراسانيّ لم يرتض اعتبار هذا القيد ، وأفاد : بأنه لا يعتبر تفرع الدليل الحاكم على الدليل المحكوم. والمهم في إثبات ما ذكره هو ما ذهب إليه من انتقاض اعتبار هذا القيد بحكومة الأمارات على الأصول ـ الثابتة عند الشيخ ـ ، لأن الأمارة لا تتفرع على وجود الأصول ، بل لو لم يكن في البين أصل ما ، لكانت الأمارة ثابتة الاعتبار ومستقلة الثبوت.

وأو عزّ ذلك إلى ان الأمارة تتكفل جهتين :

الأولى : جهة تضمنها حكما مستقلا ـ كالمنجزية والمعذرية ـ ، وهي جهة تامة في نفسها.

الثانية : صلاحية النّظر إلى دليل آخر. فلو لم يكن هناك دليل تصلح هي للنظر إليه ، فلا تكون لغوا ، بل تثبت بلحاظ الجهة الأولى.

ولأجل ذلك التزم بتفسير الحكومة : بأنها كون الدليل بحيث يصلح للنظر إلى دليل آخر ، فالمأخوذ فيه صلاحية النّظر لا النّظر الفعلي ، بمعنى انه ان كان هناك دليل يصلح لأن ينظر إليه هذا الدليل فهو ناظر إليه فعلا ، وإلاّ فلا يحتاج في حكومته كونه ناظرا فعلا ، وبذلك عمم ورود الدليل الحاكم لما إذا كان قبل دليل المحكوم وبعده (١).

وكأنّه استفاد من كلام الشيخ في اشتراط النّظر الفعلي لزوم كون الدليل الحاكم واردا بعد ورود المحكوم.

إلاّ ان هذه الاستفادة ممنوعة إذ ليس في كلام الشيخ ما يشير إليها. والتفرع لا يقتضي التأخر في الورود كما لا يخفى.

ولكن ما ذكره قدس‌سره محل نظر ، فان من يدعي حكومة الأمارة على الأصول التعبدية انما يدعيها بملاك ان دليل اعتبارها متكفل لتنزيل الأمارة

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. حاشية الفرائد الأصول ـ ٢٥٦ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۰۱