حدثه وطهارته ، وهو غير الشك في صحة العمل ومطابقته للمأمور به ، فإذا التفت بعد الفراغ ، فشكه في صحة العمل شك حادث بعد العمل لا في أثنائه ، فيكون مقتضى القواعد مجرى لقاعدة الفراغ ، ولا فرق بين الفرضين على هذا البيان.
فتعليل عدم جريان قاعدة الفراغ بكون الشك حادثا أثناء العمل ـ كما أفاده الشيخ (١) ـ في غير محله. فالوجه الصحيح في نفي جريان قاعدة الفراغ والحكم ببطلان العمل في الفرض المزبور هو ان يقال : ان الشك الّذي يكون مجرى لقاعدة الفراغ هو الشك في صحة العمل ، بمعنى الشك في مطابقة ما أتي به للمأمور به واما مع العلم بعدم مطابقته لما هو الوظيفة الفعلية عليه ولما هو متعلق الأمر ، فلا مجال لقاعدة الفراغ للعلم ببطلان العمل بحسب الوظيفة الفعلية. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنه بعد ما التفت وأجرى استصحاب الحدث كان مأمورا بالطهارة ، وكان محكوما ببطلان صلاته لو جاء بها بحالته التي هو فيها بلا وضوء. وعليه فإذا التفت بعد العمل إلى ذلك فلا شك لديه في صحة العمل ، بل يعلم بمخالفة عمله لما هو مقتضى الوظيفة الفعلية عليه ، ومثله يكون باطلا.
ولعل هذا هو مراد صاحب الكفاية ، من التزامه ببطلان العمل للحدث الاستصحابي (٢).
وأما دعوى : ان الحكم الظاهري مجعول بلحاظ التنجيز والتعذير ، وذلك غير معقول مع الغفلة. إذن فلا يمكن أن يجري الاستصحاب في حال غفلته عن الحدث (٣).
فهي قابلة للدفع ، ببيان : ان المستصحب لو كان من الأحكام التكليفية امتنع أن يجري الاستصحاب حال الغفلة ، لعدم قابليته للدعوة والتحريك
__________________
(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٢١ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٠٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٣) المحقّق الخوئي السيد أبو القاسم أجود التقريرات ٢ ـ ٣٥١ ـ الطبعة الأولى.