..............................................

__________________

وببيان آخر نقول : أنّ وجوب معرفة الإمام ثابت مع الشك ومع قطع النّظر عن الاستصحاب ، فلا أثر للاستصحاب في ترتيبه وحدوثه.

وأما لو كان الملحوظ هو سقوط التكليف فلأنّ اليقين بالإمام مأخوذ بما هو صفة لا بما هو طريق ولذا يعبّر عنه بالمعرفة ، ومثله لا يقوم الاستصحاب مقامه.

والخلاصة ؛ إنّ الاستصحاب الموضوعي في باب الإمامة لا مجال له على جميع تقاديره وفروضه. وبعد ذلك يحسن بنا التنبيه على بعض الجهات الواردة في كلمات الاعلام وهي متعدّدة :

الأولى : ما أفاده الشيخ في نفي الاستصحاب لأجل عدم الاعتقاد مع الشك ، وما أفاده قد يبدو غامضا لأنّ مجرد عدم الاعتقاد مع الشك لا يمنع من ترتّب وجوب الاعتقاد المستلزم لوجوب مقدماته ومن جملتها اليقين. ولكن يتّضح كلامه بما ذكرناه في نفي الاستصحاب لترتيب وجوب الاعتقاد سواء كان اليقين من مقدمات الوجوب أو الواجب.

الثانية : ما أفاده صاحب الكفاية في نفي الاستصحاب الموضوعي في مورد يطلب فيه اليقين ، وعلّله بوجوب تحصيل اليقين. فهل هو ناظر ـ في جريان الاستصحاب نفيا أو إثباتا ـ إلى ترتيب وجوب تحصيل اليقين أو إلى إسقاطه؟ والصحيح أنّه ناظر إلى إسقاط التكليف لا حدوثه كما يدلّ عليه قوله :

« بل يجب تحصيل اليقين بموته ... » فإنّه لا معنى له لو كان الملحوظ في جريان الاستصحاب حدوث التكليف بوجوب تحصيل اليقين لأنّه هو الأثر المقصود بالاستصحاب فلا معنى لنفي الأصل وتعليله بلزوم تحصيل اليقين كما لا يخفى. ويدلّ عليه أيضا ما ذكره بعد ذلك من الاكتفاء بالاستصحاب إذا كان المورد من الموارد التي يكتفي فيها بالظن وكان الاستصحاب من باب الظن.

وعليه فلا وجه لما ارتكبه المحقّق الأصفهاني من حمل كلامه على نظره إلى ثبوت التكليف ، فتدبّر.

نعم قوله : « فلا يستصحب لأجل ترتيب لزوم معرفة إمام زمانه » ظاهر في كون النّظر إلى مرحلة الثبوت لكن بعد صراحة ما بعده فيما ذكرناه لا بدّ من الالتزام بأنّ مراده من هذه العبارة « لأجل ترتيب أثر لزوم المعرفة » فلا تنافي ما بعدها.

الثالثة : قد عرفت الإشارة إلى أنّ الشك في الاعتقاديات من حيث الحكم مجرد فرض لا واقع له.

ولكن ذكر المحقّق الأصفهاني أنّه يتمّ في طرف الوجود لا في طرف العدم. كما لو شك في حدوث تكليف اعتقادي بشأن من شئون المحشر ، فينفي بالاستصحاب لعدم ثبوته قبل الشريعة أو في أوائلها.

وأنت خبير أنّ الاستصحاب الّذي يختلف الحال فيه وجودا وعدما هو استصحاب نفس التكليف لا عدمه ، إذ استصحاب العدم يتّفق مع أصالة البراءة فلو لم يجر الاستصحاب لا يختلف الحال من الناحية العملية لجريان البراءة. فما أفاده لو تمّ علميّا فلا أثر له عمليّا.

هذا مع ما عرفت من منع الاستصحاب في عدم التكليف تبعا للشيخ (ره) ، فانتبه.

۴۵۰۱