........................................
__________________
الخاصّ يلتئم الموضوع بثبوت جزئية أحدهما بالوجدان والآخر بالأصل. وليس ما نحن فيه كذلك ، فإنّ آية وجوب الغضّ لا تتكفّل في نفسها حرمة النّظر إلى كل امرأة بحيث يكون خروج المحارم بالتخصيص. ولذا لم يتوقّف أحد من المسلمين عند نزول الآية عن النّظر إلى أمه وأخته حتى يرد المخصّص ، وليس ذلك إلاّ أنّ المنظور بدوا في الآية الكريمة إلى الأجانب رأسا ، فلدينا موضوعان :
أحدهما ؛ موضوع حرمة النّظر ، والآخر ؛ موضوع الجواز.
ونفي أحدهما بالأصل لا يستلزم إثبات الآخر إلاّ على القول بالأصل المثبت. فالأصل الأزلي لا يجدي في إثبات موضوع الحرمة ، فتدبّر.
ثم أنّ هذا القائل وإن التزم هنا بجريان أصالة الملاقاة إلى زمان الكرّيّة أو في زمان القلّة ، لكنّه أنكره في مباحثه الفقهية حين تعرّض لمسألة اختلاف المتبايعين في تأخّر الفسخ عن زمان الخيار وعدم تأخّره ، فإنّ الشيخ (ره) ذكر أنّ في تقديم مدّعى التأخير لأصالة بقاء العقد وعدم حدوث الفسخ في أوّل الزمان ، أو مدّعى عدمه لأصالة الصحّة ، وجهين.
وقد ذكر القائل : أنّ هذه المسألة سيّالة في كل مورد كان موضوع الحكم أو متعلّقه مركّبا من جزءين وعلمنا بتحقّق أحدهما ثم بتحقّق الآخر مع ارتفاع الجزء الأول ، ولكن لم يعلم المتقدّم منهما على الآخر.
كما لو شك في أنّ الفسخ وقع قبل انقضاء زمن الخيار أو بعده. أو شك في أنّ ملاقاة النجاسة للماء المسبوق بالقلّة هل وقع قبل عروض الكريّة أو بعده ، أو شك المصلّي المسبوق بالطهارة وعلم بصدور حدث منه في أنّ صلاته وقعت قبل الحدث أو بعده.
والّذي بني عليه في تحقيق هذه المسألة : أنّه تجري أصالة بقاء الخيار إلى زمان الفسخ فيتمّ بها موضوع الحكم ، وهو الفسخ الثابت بالوجدان وبقاء الخيار المحرز بالاستصحاب. لأنّ الموضوع مركّب منهما ، واعتبر تقارنهما في الوجود لا أزيد. ولا يعارض هذا الأصل بأصالة عدم تحقّق الفسخ في زمان الخيار ، لأنّ الفسخ قد تحقّق خارجا في زمان حكم الشارع بكونه زمن الخيار ، فلا شكّ لنا في تحقّقه في ذلك الزمان ليحكم بعدمه ، فأصالة بقاء الخيار إلى زمان الفسخ ترفع الشك في تحقّق موضوع الحكم فلا مجال لإجراء أصالة عدم الفسخ في زمن الخيار. وإلاّ لجرى هذا الأصل في صورة الجهل بانقضاء زمن الخيار ، لا في تقدّمه وتأخّره عن الفسخ. فمثلا لو شك في بقاء الخيار وارتفاعه جرى استصحاب بقائه وبعد ذلك لو فسخ ذو الخيار ترتّب الانفساخ ، مع أنّه لو تمّ ما تقدّم من المعارضة لجرى في هذه الصورة استصحاب عدم تحقّق الفسخ في زمن الخيار ، وهو مما لا يلتزم به.
والكلام بعينه يجري في سائر الموارد. ففي مورد الشك في تقدّم الكريّة على الملاقاة تجري أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة ويترتّب عليها الحكم بالنجاسة ، ولا تعارض بأصالة عدم الملاقاة في زمان القلّة ، وإلاّ جرت المعارضة مع الشك في أصل عروض الكريّة.