وحيث لم يحرز حصوله في أحد الآنين المعين ، احتمل انفصال زماني اليقين والشك ولم يحرز اتصالهما ، فلا يصلح التمسك بعموم دليل الاستصحاب ، لعدم إحراز صدق النقض ، فتكون الشبهة مصداقية (١).
وقد حمل المحقق العراقي كلام الكفاية على احتمال تخلل اليقين الناقض ـ كما تقدم في مجهولي التاريخ ـ. وأورد عليه بما تقدم. ثم ذكر ما ذكرناه في تفسير كلام الكفاية على انه وجه مستقل ونسبه إليه في درسه (٢).
وأنت خبير بان ما ذكرناه هو ظاهر كلام الكفاية ولا وجه لاحتمال غيره من العبارة.
وقد ناقش المحقق الأصفهاني قدسسره ما ذكره صاحب الكفاية : بان ثبوت الشيء واقعا ليس ملاك الحكم الاستصحابي ، بل ثبوته العنواني المتقوم باليقين هو ملاك جريانه ، والمفروض ثبوت اليقين بالطهارة سابقا والشك في بقائها فعلا لا في حدوثها. وهكذا الكلام في الحدث. انتهى ملخصا (٣).
وفيه : ان ما أفاده لا يعلم له معنى محصل ، لأنه وان لم يكن الاستصحاب متقوما بالوجود الواقعي ، إلاّ ان الحكم الاستصحابي حكم بالإبقاء وعدم النقض ، ومع احتمال تخلل اليقين بالعدم لا يحرز أن الحكم بالطهارة في زمان الشك إبقاء للطهارة وعدم نقض لها ، ومجرد تحقق اليقين بالحدوث والشك في البقاء لا ينفع في إحراز ذلك ، فتدبر.
وقد فسر السيد الخوئي ( حفظه الله ) عبارة الكفاية بفاصلية اليقين بالارتفاع. وأورد عليه : بعدم اعتبار اتصال زمان اليقين بزمان الشك ، بل ليس المعتبر إلا فعلية كل منهما (٤).
__________________
(١) لم يتعرض السيد الأستاذ ( دام ظله ) لهذه الوجوه في الدورة الثانية. ( منه عفي عنه ).
(٢) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٢١٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٣) الأصفهاني المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ١١٣ ـ الطبعة الأولى.
(٤) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٢٠٦ ـ الطبعة الأولى.