فيندفع الإشكال بحذافيره.

وفيه : أولا : ان هذا الإيراد مبنائي لا يمكن ان يلزم به مثل صاحب الكفاية ممن لا يرى جعل الطريقية.

وقد عرفت ان أصل الإشكال في استصحاب مؤدى الأمارة مبني على عدم الالتزام بقيام الأمارة مقام القطع الموضوعي ، فتدبر.

وفيه ثانيا : انه لو التزم بجعل الطريقية والوسطية في الإثبات فلا ينفع ، وذلك لأن غاية ما يجدي هذا الالتزام هو إمكان قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي ، وترتب جميع الآثار المترتبة على العلم ـ عقلية أو شرعية ـ عليها ، واندفاع المحذور الثبوتي في الالتزام بقيامها مقام القطع الموضوعي والطريقي بناء على جعل المؤدى الّذي تقدم البحث فيه في مباحث القطع.

ولكن مجرد إمكان ذلك ثبوتا لا ينفع ما لم يساعد عليه مقام الإثبات. وهو قاصر عن إفادة تنزيل الأمارة منزلة القطع في جميع آثاره أو اعتبار الأمارة علما بلحاظ مطلق آثار العلم ، إذ ليس لدينا ـ في باب خبر الواحد مثلا ـ دليل لفظي بلسان : « ان خبر الواحد علم » ونحوه من التعبيرات حتى يؤخذ بإطلاقه ، ويلتزم بترتب جميع آثار العلم عليه ، بل عمدة الأدلة هو السيرة العملية القائمة على حجية الخبر ، والقدر الثابت منه هو ترتيب آثار العلم العقلية من تنجيز وتعذير على خبر الواحد ، وليس في الأحكام العقلائية ما هو مرتب على اليقين بعنوانه كي يرى ان السيرة قائمة على معاملة خبر الواحد معاملة اليقين بالنسبة إليه أو ليست قائمة على ذلك ، ومثل ذلك النصوص التي استدل بها على حجية الخبر ـ بناء على دلالتها ـ ، فان قوله عليه‌السلام ـ في العمري وابنه ـ : « ما أديا عني فعني يؤديان » (١) ظاهر في إثبات التنجيز والتعذير لخبرهما كما لا يخفى. اذن فمن

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ ـ ٩٩ باب ١١ من أبواب صفات القاضي حديث ٤.

۴۵۰۱