وبالجملة : مبنى الإشكال ما عرفت من عدم قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي.

وقد أجيب عنه بوجوه :

الوجه الأول : ما أفاده في الكفاية من : ان دليل الاستصحاب يتكفل التعبد بالبقاء على تقدير الحدوث ، فنظره إلى بيان بقاء الحادث ، وان الحادث يدوم بلا خصوصية لليقين به ، بل لوحظ طريقا إلى متعلقه. وبعبارة أخرى : ان دليل الاستصحاب يتكفل جعل الملازمة الظاهرية بين الحدوث والبقاء ، وان كل ما هو حادث باق تعبدا ، فالحدوث أخذ موضوعا للتعبد بالبقاء ، واليقين لوحظ طريقا لإحراز الموضوع ، كاليقين بسائر موضوعات الأحكام ، فالمجعول هو البقاء على تقدير الحدوث واقعا.

وعليه ، فإذا قامت الأمارة على الحدوث كانت حجة على البقاء كما هي حجة على الحدوث ، نظير سائر الأمارات القائمة على الموضوعات ، فانها تكون حجة على الحكم المترتب عليها ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنه بعد ان كان المجعول هو البقاء ظاهرا على تقدير الحدوث واقعا ، كان الحدوث الواقعي موضوعا للحكم الظاهري بالبقاء ، فإذا قامت الحجة على الحدوث كانت حجة على حكمه واثره وهو البقاء الظاهري ، فتكون الأمارة مثبتة لموضوع الحكم الاستصحابي. هذا ما أفاده في الكفاية بتوضيح منا (١).

وقد أورد عليه إيرادات عديدة :

الإيراد الأول : انه لا تصل النوبة إلى هذا الكلام ، لأن دليل اعتبار الأمارة يتكفل جعل الطريقية والوصول والمحرزية ، فهو يعتبر الأمارة علما.

وعليها فيترتب عليها جميع آثار العلم العقلية والشرعية ، ومنها التعبد بالبقاء ،

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٠٥ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱