الثانية : الجزئية بلحاظ تعلق اللحاظ ، بان يتعلق لحاظ واحد بمجموع أمور ، فان كل واحد منها جزء الملحوظ ومجموعها هو الكل.

الثالثة : الجزئية بلحاظ مقام الأمر والتكليف ، وذلك بان يتعلق امر واحد بعدة أمور ، فيكون كل منها بعض المأمور به وجزئه.

ولا يخفى ان الجزئية لا تنتزع مع قطع النّظر عن الأمر ، إذ هذه الأمور متباينة لا ربط بينها ولا جهة وحدة. اما بعد تعلق الأمر بها فهو جهة وحدة تصحح انتزاع الجزئية لكل واحد منها ، فليست الجزئية للمأمور به امرا واقعيا ثابتا مع قطع النّظر عن الأمر ، بل هي متفرعة عن تعلق الأمر بالأمور المتكثرة بحيث تربط بينها وتوحدها جهة تعلق الأمر بها (١).

وهذا الالتزام من صاحب الكفاية وقع موقع القبول من الاعلام ، إلاّ ان المحقق العراقي خالفه في الشرطية ، فذهب إلى : ان الشرطية تنتزع في مرحلة سابقة عن تعلق الأمر ، وذلك لأن الشرطية الثابتة للشرط انما هي فرع إضافته إلى المشروط وتقيده به ، فيكون شرطا لحصول المقيد به ، ومن الواضح ان جهة التقيد والإضافة سابقة عن تعلق الأمر ، ولا تتوقف على الأمر ، بل هي معروضة للأمر ، إذ الأمر بالمقيد فرع أخذ التقيد في متعلق الأمر ، وهذا يقتضي سبق التقيد على الأمر.

نعم ، كون الشيء شرطا للمأمور به يتوقف على الأمر ، لا ان أصل شرطيته متوقفة على الأمر ، نظير مقدمة الواجب ، فان أصل المقدمية لا يتوقف على التكليف ، ولكن عنوان : « المقدمية للواجب » لا يكون إلاّ بعد ثبوت الوجوب.

ولكن هذا غير ما نحن بصدده ، فان البحث عن توقف أصل الجزئية

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٠١ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱