غيره (١) في هذا الإيراد غير تام ، لما عرفت من كون نظر صاحب الكفاية إلى نفس المجعول وشرائطه. وان شرطية شرط المجعول غير مجعولة ، بل هي تابعة لخصوصية واقعية ان كانت موجودة ، كان الشيء شرطا وان لم يتقيد به المجعول في مقام الجعل ، وان لم تكن موجودة لم يكن شرطا وان تقيد به في مقام الجعل ، لعدم امتناع تحقق التكليف الفعلي بأي معنى من معانيه بدونه حينئذ.

ويزيدك وضوحا ملاحظة شرطية القدرة للتكليف ، فانها شرط عقلي يمتنع التكليف بدونه للغويته.

ولم يخطر في ذهن أحد أن شرطية القدرة تابعة للجعل وكيفيته ، إذ هي شرط مع كون الجعل مطلقا من ناحيتها. فكما تكون شرطية القدرة منتزعة عن جهة واقعية ، فكذلك نقول في سائر الشرائط المذكورة في

لسان الشارع ، فإنها شرط واقعي للتكليف بملاحظة تقيد الشارع بمقتضى الحكمة والمصلحة وعدم خروجه عنهما. فتدبر جيدا.

واما النحو الثاني ـ وهو ما امتنع جعله مستقلا وجعل تبعا ـ : فقد جعل من مصاديقه الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية لما هو جزء المكلف به وشرطه ومانعة وقاطعه ، كجزئية السورة للصلاة وشرطية الطهارة لها ، ومانعية النجاسة وقاطعة الاستدبار ، فانها مجعولة بالتبع. وبعبارة أخرى : انها منتزعة عن التكليف المتعلق بالعمل.

وقد أوضح ذلك : ان الجزئية ذات مراتب ثلاث :

الأولى : الجزئية بلحاظ الوفاء بالغرض ، وذلك بان يكون غرض واحد مترتبا على مجموع أمور ، فيكون كل واحد منها جزء ما يفي بالغرض ، وتكون جهة الوحدة الجامعة بين الأمور المتباينة هي الوفاء بالغرض.

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٨١ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۰۱