أيضا بعد ان عرفت ان الحكم ليس مجرد الاعتبار ، بل هو الاعتبار الّذي يترتب عليه إمكان الداعوية ، فمع عدم إمكان الداعويّة يستحيل تحقق الحكم. والمفروض فيما نحن فيه عدم إمكان تحقق الداعوية لكلا الحكمين فيستحيل اجتماعهما معا. هذا تمام الكلام في المقدمة الأولى ، وقد عرفت فيها تضاد الأحكام ، وان شئت فقل تنافي الأحكام واستحالة اجتماعها في أنفسها ، ولو لم يكن ذلك من التضاد الاصطلاحي.

واما المقدمة الثانية : فتقريب ما أفاده صاحب الكفاية : ان العناوين والأسماء لا تكون وافية بالمصلحة والغرض ، فلا وجه لتعلق الحكم بها لأنه لا يتعلق بما لا يكون وافيا بالملاك ، واما نفس ما يصدر من المكلف خارجا فهو واف بالمصلحة فيكون متعلق الحكم.

وهذا الأمر ذكره قدس‌سره في بحث تعلق الأحكام بالطبائع ، وقد عرفت الإشكال فيه وان الحكم سواء قلنا انه الإرادة أو انه الاعتبار لا يتعلق بالموجود الخارجي ، بل هو يتعلق بالموجود التقديري بتعبير والفرضي بتعبير آخر والزعمي بتعبير ثالث وهو الموجود الّذي تخلفه النّفس للشيء. ولأجل ذلك كانت هذه المقدمة محطّ إشكال المحقق الأصفهاني (١).

والّذي يبدو لنا انه لا وقع لهذه المقدمة ، إذ لا أثر لها في المطلوب ، كما انه لا وقع للإشكال عليها لعدم دخالته في نفي الأثر المرغوب.

بيان ذلك : ان صاحب الكفاية بعد ان ذكر في المقدمة الأولى ان الأحكام متضادة فيما بينها صار بصدد ان يثبت وحدة المتعلق ، إذ مع تعدد المتعلق لا ينفع التضاد ، وبذلك صار في مقام أن ينفي تعلق الأحكام بالعناوين الانتزاعية لأنها متعددة مع وحدة الخارج كما هو الفرض ، فلا يلزم اجتماع الضدين في شيء واحد

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٧٣ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۰۱