المولى من الأمر كأن كان غافلا. فهاهنا الأمر كذلك ، لأن المولى لا يتمكن من الإلزام بالأهمّ بخصوصه لأنه ترجيح بلا مرجح ، فيحكم العقل بلزومه ترجيحا للأهم.

وهذه الدعوى فاسدة : لأن العقل لا يتمكن من الإلزام بالأهمّ بعينه كما لا يتمكن الشارع ، والمحذور الّذي يمنع من تعيين الأهمّ شرعا بنفسه يمنع من تعيينه عقلا ، لأن الإلزام العقلي كالشرعي رافع لموضوع الآخر ، فالعقل يمكنه ان يلزم بالمهم فيرفع موضوع الأهم ويكشف عن عدم ثبوت الملاك الأهمّ ، فما هو المرجح لحكمه بالأهمّ ، مع انه لا محذور في حكمه بالمهم من جهة تفويت الغرض الأهمّ ، لأنه لا يتحقق الغرض الأهمّ بحكمه بلزوم المهم؟. فالتفت.

هذا تمام الكلام في الواجبين المشروطين بالقدرة شرعا.

يبقى الكلام في الفرع الّذي ذكره المحقق النائيني مثالا للواجبين المشروطين بالقدرة ، مع كونه أحدهما أسبق زمانا ، وهو مثال تزاحم النذر والحج ، كما لو نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الحسين عليه‌السلام يوم عرفة ، ثم حصلت الاستطاعة ، فقد وقع الاختلاف في ان أيهما المقدم هل يقدم وجوب الوفاء بالنذر أو وجوب الحج؟ وفي المسألة أقوال :

الأول : ما عن صاحب الجواهر رحمه‌الله من تقديم النذر ، لأنه غير مقيد بالقدرة شرعا ، فيتقدم على الحج لأنه مقيد بالقدرة شرعا ، كما هو مقتضى القاعدة في تزاحم الحكمين اللذين أحدهما مقيد بالقدرة شرعا والآخر غير مقيد بها شرعا (١).

الثاني : تقديم وجوب الحج ، لأن كلا من الوجوبين مقيد بالقدرة شرعا ، لكن في وجوب الوفاء بالنذر جهة تقتضي ترجيح وجوب الحج عليه وهو قول

__________________

(١) النجفي الشيخ محمد حسن. جواهر الكلام ١٧ ـ ٣٤٧ ـ الطبعة السابعة.

۴۸۰۱