الأهمّ ، كما عرفت السّر في التزامه بكون التخيير شرعيا بالمعنى الّذي عرفته ، وهو حق لا إشكال فيه.

واما ما جاء في المحاضرات من تقريب تقديم الأهم فيما نحن فيه من : ان الأهم لا مانع من تقديمه عقلا للقدرة عليه تكوينا ، ولا شرعا لأن المانع الشرعي المتصور ليس إلاّ وجوب المهم الّذي يستلزم صرف القدرة في غير الأهمّ ، وهو لا يصلح للمانعية لأنه بمزاحمته بالأهمّ غير مقدور شرعا ، والمفروض ان القدرة دخيلة في متعلقه فلا يكون الأمر به فعليا مع عدم القدرة عليه شرعا ، ومع عدم فعلية امره لا يكون مانعا من الأهم (١).

ففيه ما لا يخفى : لأن المفروض ان كلا من الحكمين مشروط بالقدرة شرعا فيكون كل منهما رافعا لموضوع الآخر ، لأنه مانع شرعي عن الآخر ، فكيف يفرض مانعية الأهم عن المهم دون العكس؟ ، فانه مما لا نعرف له توجيها صحيحا.

ونفس الأهمية لا تصلح فارقا ـ كما قد يظهر من العبارة ـ لأنها محل الكلام فلا يمكن الاستدلال على الدعوى بنفس الدعوى. فالتفت.

وقد يدعي : تقديم الأهمّ بحكم العقل ببيان : ان المفروض ثبوت ملاك كل من الحكمين في نفسه ، ومع قطع النّظر عن المزاحم. فإذا التزم بسقوط كلا الحكمين فلا يخلو الحال من صور ثلاث : اما ان يحكم على طبق الأهمّ وهو المطلوب. واما ان يحكم على طبق المهم وهو ترجيح بدون مرجح. واما ان يحكم بالتخيير بينهما ، بمعنى وجوب أحدهما لا بعينه ، وهو يستلزم ثبوت كل من الملاكين لعدم منافاته للقدرة الشرعيّة على كل من الفعلين ، فيحكم العقل بلزوم الإتيان بالأهمّ ملاكا نظير حكمه بلزوم تحصيل أصل الغرض الملزم لو لم يتمكن

__________________

(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ٢٦٤ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۰۱