الجهة الأولى : انه قد عرفت وقوع البحث في الموضوع له اسم الجنس ، وانه هل هو الطبيعة المهملة ، أو انه الطبيعة المقيدة بالإرسال بنحو البشرطشيء أو اللابشرط القسمي؟ وقد عرفت ان الإنصاف يقتضي وضعها لذات الماهية الموجودة في جميع التعينات والاعتبارات ، لشهادة الوجدان والارتكاز العرفي.

وقد أضاف المحقق النائيني إلى ذلك وجها آخر وهو : ان الحكمة تقضي بالوضع للماهية المهملة ، لأن حكمة الوضع هي التفهيم والتفهم ، وبما ان الماهية المهملة كثيرا ما تقع مورد التفهيم فلا بد ان يكون قد وضع لها ما يدل عليها ، وليس لدينا لفظ سوى اسم الجنس (١).

وهذا وجه خطابي لا بأس به والعمدة ما ذكرناه.

ويترتب على البحث في هذه الجهة ثمرتان :

الأولى : انه بناء على الوضع للماهية المهملة لا يكون التقييد مستلزما للتجوز إذا كان بنحو تعدد الدّال والمدلول ، وذلك لاستعمال اسم الجنس في معناه الموضوع له ، والخصوصية استفيدت من القيد. واما بناء على الوضع للماهية بقيد الإرسال ، فيكون التقييد مستلزما للتجوز لمنافاة القيد مع الإرسال ، فلا بد من استعمال اسم الجنس في غير معناه الموضوع له.

الثانية : انه بناء على الوضع للطبيعة المرسلة ، لو ورد اسم الجنس في الكلام وشك في إرادة الإطلاق منه كان المحكم أصالة الحقيقة ، فيستفاد إرادة العموم من اللفظ نفسه لوضعه له ، فالأصل الأولي هو العموم. واما بناء على الوضع للطبيعة المهملة ، فلا مجال لأصالة الحقيقة لإفادة الإطلاق ، بل يستفاد العموم بواسطة قرينة خارجية خاصة أو عامة كمقدمات الحكمة. وهذا أثر مهم جدا في مقام الاستنباط.

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٥٢٧ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۰۱