الثاني : ان أصالة عدم الاستخدام انما تجري مع الشك في المراد لا في كيفية الإرادة.
ثم أورد على نفسه : بأنه إذا كان لجريان أصالة عدم الاستخدام مع الشك في كيفية الإرادة أثر فلا مانع من جريانها ، وان لم يكن لها أثر في تعيين المراد للعلم به ـ وما نحن فيه كذلك ـ ، إذ جريانها يلازم تخصيص العام فيثبت بها ، نظير جريان الأصل العملي لإثبات لازم مجراه ، كما لو كان ثوب نجس فلاقته اليد مع الرطوبة وشك في انه هل طهر قبل الملاقاة أو لا؟. وكان الثوب عند الشك والعلم بنجاسته خارجا عن محل الابتلاء ، فان استصحاب نجاسته يجري لإثبات نجاسة اليد وان لم تكن نجاسته قابلة للتعبد لخروجه عن محل الابتلاء ، وإذا صححنا ذلك في الأصل العملي فليكن الحل كذلك في الأصل اللفظي.
وأجاب عنه : بان نجاسة الملاقي من الآثار الشرعية لنجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ ، فاستصحاب نجاسته يترتب عليه نجاسة ملاقيه ويكون حاله حال استصحاب الأمر التكويني لإثبات أثره الشرعي مع انه في نفسه غير قابل للتعبد.
واما تخصيص العام ، فليس أثرا شرعيا لأصالة عدم الاستخدام ، بل هو من ملازماته العقلية ، فيكون أصل عدم الاستخدام بالنسبة إليه مثبتا ، فلا بد من إثبات الملزوم في نفسه كي يثبت لازمه تبعا له ، وقد عرفت عدم جريان الأصل في إثبات عدم الاستخدام في نفسه.
أقول لا ملزم لهذا التطويل في الإيراد والجواب ، إذ لنا ان نقول بان عدم جريان الأصل اللفظي مع العلم بالمراد والشك في كيفية الإرادة ليس من جهة عدم ترتب الأثر عليه ، بل من جهة ان المتيقن من دليله غير هذه الصورة ، وانه لا دليل عليه في هذه الصورة إذ ليس بناء العقلاء على جريانه فيها ، كما أشار إلى ذلك صاحب الكفاية في كلامه.