كما في قوله تبارك وتعالى : ﴿ وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ... ﴾ إلى قوله : ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ ﴾(١) ـ فان المراد بضمير بعولتهن المطلقات الرّجعيات ـ واما إذا كان مثل : « والمطلقات أزواجهن أحق بردهن » فلا شبهة في تخصيصه به ، إذ ليس للعام حكم آخر كي يتخيل عمومه ، بل ليس له إلاّ الحكم الخاصّ فيخصص بلا كلام.
وقد ذكر صاحب الكفاية في مقام تحقيق الكلام : ان الأمر يدور بين التصرف في العام بإرادة خصوص المراد من الضمير الراجع إليه ، والتصرف في ناحية الضمير اما بإرجاعه إلى بعض ما يراد من مرجعه ـ وهو العام ـ ، أو بإرجاعه إلى تمامه بنحو المجاز في الإسناد ، فيسند الحكم المسند حقيقة إلى البعض ـ يسند ـ إلى الكل مجازا. والمتعين هو العمل بأصالة العموم وإبقائه على عمومه ، وذلك لجريانها بلا معارض ، إذ لا تجري أصالة الحقيقة في جانب الضمير للعلم بالمراد الجدّي منه ، وأصالة الحقيقة انما تجري مع الشك في المراد ، اما مع العلم بالمراد والشك في كيفية الاستعمال فلا تجري أصالة الحقيقة لأن المتيقن من دليل أصالة الظهور هو الصورة الأولى (٢).
وقد وافقه المحقق النائيني في اختيار جريان أصالة العموم وعدم جريان أصالة عدم الاستخدام ـ التي جعلها هي المعارضة بدوا مع أصالة العموم ـ ، ووجهه بوجوه ثلاثة :
الأول : ان الاستخدام انما يلزم من إرادة خصوص الرَّجعيات من الضمير لو كان العام المخصص مجازا ليكون الخاصّ معنى آخر للعام ، والصحيح خلاف ذلك كما عرفت ، فليس هناك معنى آخر للعام يراد من ضميره كي يستلزم ذلك الاستخدام.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٣٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.