هذا مع ان ما ذكر من لحاظ المقارنة يتأتى في كلا الجزءين ، فانه كما يقال ان هذا الجزء بلحاظ مقارنته مع ذلك الجزء اما مطلقا فيلزم التدافع أو مقيدا فتلزم اللغوية كذلك يقال ان ذاك الجزء بلحاظ مقارنته مع هذا الجزء اما مطلقا فيلزم التدافع أو مقيدا فتلزم اللغوية. وبذلك يتعين الأمر بكلا الجزءين ، لأن تخصيص أحدهما بالأمر ترجيح بلا مرجح ، وهذا كما لو كان في كل من المتلازمين مصلحة ملزمة فانه يتعين الأمر بكليهما ، لأن الأمر بأحدهما بالخصوص مع وجود المصلحة أيضا في الآخر ترجيح بلا مرجح ـ ولو كان كافيا ـ وهو ممتنع.
هذا ولكن يرد على التوجيه المزبور وجهان :
الأول : ان ملاحظة الموضوع مع عدم الوصف لا يلازم تقييده به ، وان كان دخيلا في التأثير ، إذ يمكن ان لا يكون دخيلا في تحقق أثر الجزء ، ولكنه دخيل في تحقق أثر الكل ، فيكون الجزء مطلقا بالإضافة إليه بلحاظ جزئيته واثره الضمني ، ولكنه مقيد به لأخذه جزءا آخر بلحاظ أثر الكل ودخالته في تحققه ، فلا ملازمة بين لحاظه وبين أخذه قيدا. كما لا منافاة بين إطلاق الجزء بلحاظ جزئيته بالإضافة إليه وتقييده به بلحاظ أثر الكل.
الثاني : ان عدم الوصف لو فرض انه دخيل في تأثير الجزء بما هو جزء ، فغاية ما يقتضي ذلك هو تقييد الجزء به ، اما انه يؤخذ بنحو التوصيف أو بنحو التركيب فهو أجنبي عن مفاد هذا البرهان ، ولا ملازمة بين التقييد وبين أخذه بنحو التوصيف ، كما اعترف به قدسسره ، إذ عقد المقدمة الثانية لأجل إثبات ان التقييد بنحو التوصيف مع إثباته بالمقدمة الأولى ضرورة التقييد ، فلو كان التقييد ملازما للتوصيف كانت المقدمة الثانية لغوا محضا.
وبالجملة : وقع الخلط بين الوصف والاتصاف ، والّذي لا بد من ملاحظته في الجزء سابقا على لحاظ الكل هو أوصاف الجزء وهو لا يلازم أخذها ـ على تقدير دخالتها ـ بنحو الاتصاف. فتدبر جيدا.