لأنهما متوقفان على ان يكون الفعل عبادة وحسنا في المرتبة السابقة لكي يمكن ان يؤتى به بأحد هذين الداعيين ، فلا يمكن ان تنشأ عباديته منهما.
واما قصد المحبوبية وقصد المصلحة فقبل التعرض إلى إمكان أخذهما في متعلق الأمر ، لا بد أن نشير إلى انه من الناحية الفقهية لا يحتمل ان يكون المأخوذ في العبادات قصد المحبوبية أو الملاك بالخصوص بحيث يجب ان يكون تحرك المكلف من مجرد المصلحة أو المحبوبية لأن لازم ذلك ان من يكون تحركه من الأمر ولا تكفي مجرد المحبوبية أو الملاك لتحركه تكون عباداته غير مجزية وهذا يعني انه بحسب عالم الإثبات في الفقه ليس قصد المحبوبية أو الملاك بخصوصه مأخوذا في متعلق الأمر وانما المحتمل أخذ الجامع بينه وبين قصد الأمر ، ولكنه مع هذا لا بد من الناحية المنهجية ان نبحث أولا عن إمكان أخذ كل من قصد المحبوبية وقصد الملاك في متعلق الأمر ، ثم يبحث عن إمكان أخذ الجامع بينهما وبين قصد الأمر.
اما أخذ قصد المحبوبية في متعلق الأمر فلا يرد عليه شيء من المحاذير والوجوه الأربعة للاستحالة عدا الوجه الثاني وهذا أيضا يمكن دفعه هنا بأخذ قصد طبيعي المحبوبية توضيح ذلك : ان المحبوبية والإرادة التشريعية صفة تكوينية وليست كالخطاب والجعل فعلا اختياريا إنشائيا للمولى يجعله بداعي المحركية والباعثية ، وعلى هذا الأساس سوف لا ينشأ من أخذ قصده في متعلق الأمر محذور لا على مستوى الأمر والخطاب الّذي قيد به ولا على مستوى الحب والإرادة.
اما على مستوى الأمر والخطاب فلأنه لا يرد محذور أخذ وصول الحكم في موضوع شخصه ـ الوجه الأول ـ لأن القيد ليس هو قصد الأمر بل قصد الإرادة والمحبوبية أو الملاك والمصلحة فغاية ما يلزم أخذه هو وصول الإرادة أو الملاك ولا ضير فيه.
لا يقال ـ وصول الإرادة والملاك متوقف غالبا على وصول الأمر فعدنا مرة أخرى إلى لزوم أخذ وصول الأمر في موضوع الأمر.
فانه يقال ـ وصول الإرادة والمحبوبية أو الملاك والتي جميعها من الأمور التكوينية لا الإنشائية الجعلية يكفي فيه العلم بأصل الجعل والتشريع وتحقق موضوعه وشرائطه من سائر الجهات. ما عدا العلم بالمصلحة أو المحبوبية لأن المحبوبية أو الملاك في أي شيء كانت فهي تكون ثابتة حتى لو لم تصل إلى المكلف لاستحالة دخل وصول الشيء في الشيء ، فالمكلف