وبالاعتبار ، لاستحالة أن يكون عروضها في الخارج لأن ذلك يستلزم وجودها في الخارج وهو محال ولو ببرهان التسلسل ، إذ لو كان الإمكان موجودا خارجيا يعرض على الممكن الموجود الخارجي ، كان ذلك الوجود كوجود معروض له الإمكان أيضا ، فيلزم وجود ثالث في الخارج وهو أيضا يثبت له الإمكان فيكون هنا لك وجود رابع وهكذا يتسلسل ، فبهذا البرهان ذهبوا إلى أن مثل هذه الأعراض وجودها وعروضها في الذهن والاعتبار فتكون معقولات ثانوية عند الحكيم وإن لم تكن كذلك عند المنطقي (١).

وقد تقدم منا في الأبحاث السابقة :

إن هذا المدعى غير قابل للقبول لأنا لا نتعقل أن يكون العروض في عالم والاتصاف في عالم آخر ، لأنه لا يكون الاتصاف إلا باعتبار العروض وبسببه ، كما ان هذه الأمور من الواضح انها ثابتة وواقعية حتى لو افترضنا عدم وجود اعتبار أو معتبر ، ولذلك قلنا فيما سبق ان هذه الأعراض أمور واقعية وحقه بقطع النّظر عن أي عقل أو اعتبار ، فاستحالة اجتماع النقيضين حق واقعي ولو فرض انعدام كل العقول في الخارج. وقد قسمنا فيما سبق الأمور الخارجية إلى قسمين ما يكون خارجيا بوجوده كما في الموجودات الخارجية ، وما يكون خارجيا بذاته وهي الاستلزامات والإمكان والاستحالة والوجوب.

وهكذا يتلخص في المقام إيرادان :

الأول ـ ان التفكيك بين ظرف العروض وظرف الاتصاف غير معقول لأن الاتصاف انما يكون بلحاظ العروض فيستحيل أن يكون ظرفه غير ظرف العروض.

الثاني ـ أن هذه الأعراض لو أرادوا باعتباريتها انها اعتبارية محضة كاعتبار « جبل من ذهب » بحيث لا حقيقة لها وراء الاعتبار فهذا واضح الفساد ، لبداهة ان مثل قضية « الإنسان ممكن » تختلف عن قضية « جبل من ذهب » فان العقل يدرك صدق القضية الأولى وواقعيتها بقطع النّظر عن وجود عقل ومعتبر.

وإن اعترف بان الذهن يضطر وينساق إلى أن يعتبر هذه الأعراض عند ما يلاحظ

__________________

(١) منظومة السبزواري ص ٣٩ ـ ٤٠.

۴۴۲۱