بالتجربة خارجا لم يكن يعرف كونها علة له ، وفي المقام لتشخيص التلازم لا بد وان نرجع إلى الوجدان المدرك للتلازم بين إرادة الواجب النفسيّ وإرادة مقدماته ، فانه يقضي بأنه كلما أراد الإنسان فعلا أراد مقدماته تبعا أيضا ، وهذه الملازمة يقبلها حتى المنكر لوجوب المقدمة شرعا كالسيد الأستاذ غير انه أفاد خروج ذلك عن محل النزاع وان الالتزام به ليس قولا بالملازمة لأن موضوع البحث هو الملازمة بين الوجوبين.

والصحيح : انه قول بالملازمة بلحاظ ما هو المهم من البحث لا بلحاظ عالم الألفاظ ، فان البحث ليس لفظيا ولا لغاية لفظية كي يتوقف على معنى الوجوب وانه هل هو عبارة عن الاعتبار والجعل أو هو عبارة عن الشوق والإرادة ، وانما البحث والنزاع في ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته بحيث يؤدي إلى وقوع التعارض بين دليله ودليل حرمة المقدمة في بعض الصور التي تقدمت الإشارة إليها في ثمرة المسألة ، ومن الواضح ان ثبوت الملازمة بين الوجوبين بمعنى الشوقين والإرادتين مستلزم لتلك الثمرة ، حيث يستحيل اجتماع الحب والإرادة الغيرية للمقدمة مع حرمتها ، بل التعارض بين الأحكام انما هو بهذا الاعتبار لا باعتبار مرحلة الإنشاء بما هو اعتبار محض ، فانه لا استحالة بين الأحكام في عالم الاعتبار الا بلحاظ ما يكشف عنه من المبادي ، واجتماع البغض والحب في امر واحد (١).

ثم انه قد استدل للملازمة بوجوه أخرى.

منها : ما يتألف من مقدمتين كبرى وصغرى : اما الكبرى فدعوى ان ما يصح في الإرادة التكوينية يصح في الإرادة التشريعية.

__________________

(١) توجد هنا ملاحظات.

الأولى ـ ان إرادة المقدمة ليست بمعنى تعلق الحب والشوق بها ، بل بمعنى تحرك الإنسان وإعمال قدرته باتجاه فعلها الّذي هو روح الاختيار وجوهره ـ خلافا لما قيل من انه عبارة عن الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات ـ وذلك لحكم الوجدان بأن لا شوق إلا اتجاه المطلوب النفسيّ فقط والّذي فيه المصلحة الملائمة مع الذات واما إرادة المقدمة فليست بأكثر من إعمال القدرة والتحرك عليها بداع عقلاني هو الوصول إلى المطلوب النفسيّ.

والمنبه الوجداني ؛ على هذا : انه لو توقف فعل واجب نفسي على مقدمة محرمة وكانا متساويين في الأهمية ولم تكن القدرة شرطا في فعلية الملاك فانه على القول بوجوب المقدمة لا بد من أن يكون فعل تلك المقدمة المحرمة حتى الموصلة منها إذا كان ملاكها مساويا مع ملاك الواجب المتوقف عليه وانما يتعامل معهما تعامل الملاكين المتزاحمين تماما كما هو في سائر موارد التزاحم بين واجب وحرام أي يحكم بمبغوضية المقدمة ومحبوبية ذي المقدمة.

والمنبه الآخر : ان الحب والبغض امران غير اختياريين للإنسان ينشئان على حد الأمور التكوينية الأخرى من ملائمة شيء مع

۴۴۲۱